ـ[ضاد]ــــــــ[04 - 03 - 2007, 08:07 ص]ـ
أخي الكريم ضاد ..
بداية:
عودًا حميدًا وإن ناسمت هذا العود أنفاس الألم ..
.....
لم ارتدت أبياتك صفرة الخريف، حتى بدا على محياها الشحوب ..
وغصت بدمعها!!
وكأنها تودع شيئًا ما .... في زمن ما .... لشيء ما ....
وَتَلاَقَحَتْ أَرْوَاحُنَا .... بِالشَّاهِقَاتِ الزَّافِرَاتْ
لله درك ..
.....
قلتَ:
عَزَّتْ عَلَيْنَا الذِّكْرَيَاتْ ... وَتَسَاقَطَتْ عَنْهَا الصِّفَاتْ
أقول:
هل لك أن تشرح الجمال البلاغي في هذه الصورة ..
....
قلتَ:
عَمَّا قَلِيلٍ يَعْتَلِـ يهِ صَوْتُ "حَيِّ عَلَى الصَّلاَةْ"
أقول:
سؤال لغوي إن أذنت لي ..
كلمة (حَيِّ) لم أوردتها مكسورة، مع أننا نطقها (حَيَّ)؟؟ ..
........
دمت يا ضاد في رضا من الله وكرامة ..
ووفقك وأسعدك وأنالك ما ترجوا وتتمنى ..
تذكرت الموت فهانت مصاعب الدنيا أمام عيني وحمدت الله أن أعطاني فرصا كي أستمر وهو الجليل منعها عن غيري بحكمته وعلمه وعزته, فالحمد لله على ما منح وعلى ما منع.
القصيدة وصف لحال الكبر, عندما يأزف الرحيل, ويظل من يستبقي من الدنيا حتى والنائحات عليه قاعدات.
عَزَّتْ عَلَيْنَا الذِّكْرَيَاتْ = وَتَسَاقَطَتْ عَنْهَا الصِّفَاتْ
وصف للهرم والكبر عندما تصعب الذكريات وتصير عزيزة لا نستطيع الوصول إليها في الذاكرة وحتى إذا وصلنا إليها فهي قد تساقطت عنها الصفات مضببة غير واضحة.
وَتَجَرَّدَتْ شَجَرَاتُنَا = مِنْ ثَوْبِهَا وَالأُمْنِيَاتْ
شجراتنا كناية عن أجسامنا, واخترت جمع القلة عمدا لأن الحديث عن مجموعة قليلة ضمن البشرية التي لا يحصيها إلا الله. وهذه الأجسام ذهب ثوبها أي جمالها ونضارتها, وجمال أمانيها ونضراتها.
وَأَتَى الخَرِيفُ عَلَى البَقِيَّـ = ـةِ مِنْ بَقَايَا المُلْهِيَاتْ
وأتى الهرم على ما يلهينا من ملاذ الدنيا ومتاعها.
وَذَرَتْ رُؤَانَا فِي فَضَا = ءِ المُسْتَحِيلِ الذَّارِيَاتْ
وكل رؤانا صارت مستحيلة فلا عودة للوراء ولا وقوف في الزمن ولا غيرهما من الأمور التي نراها فتستحيل وجودا.
وَتَلاَقَحَتْ أَرْوَاحُنَا = بِالشَّاهِقَاتِ الزَّافِرَاتْ
لحظة الاحتضار, ثبتنا الله وإياكم عندها.
وَتَطَلَّعَتْ عَيْنُ الفَنَا = ءِ إِلَى العُيُونِ الزَّائِغَاتْ
وزاغت الأبصار,,,
وَبَدَا المَسَاقُ إِلَى الفِرَا = قِ مَعَ الجُمُوعِ السَّائِرِاتْ
وبدأ المسير,,,
يَا صَاحِ مَاذَا أَنْتَ تَسْـ = ـتَبْقِي وَمَا تَرْجُوهُ فَاتْ؟
وحتى عند ذلك نجد من الناس من يفكر في الدنيا وتراه مثلا يوصي بالإرث ويوزعه حتى في هذه اللحظة التي ليس بعدها لحظة,,,
هَذَا الصُّرَاخُ عَلاَ يُدَوِّ = ي مِنْ حُلُوقِ النَّائِحَاتْ
صراخ النائحات على الميت,,,
عَمَّا قَلِيلٍ يَعْتَلِيـ = ـهِ صَوْتُ "حَيِّ عَلَى الصَّلاَةْ"
"حي على الصلاة" حكاية عن لفظة الأذان وكناية عن صلاة الجنازة,,,
وتأتي "حي" مكسورة كما هي في الأذان, صيغة أمر طلبي.
أعرف أن الشاعر عادة لا يشرح قصيدته, ولكني أردتها أن لا تكون فلسفسية, بيد أني صبغتها بصور أوحت بذلك, رغم أن الموت أعيى الفلاسفة والمفكرين, وقهر الله به الجبابرة والمستكبرين, فتبارك الله الحي القيوم الواحد القهار.
الحمد لله وختم الله لي ولكم بحسن الخاتمة.
ـ[د. حسان الشناوي]ــــــــ[04 - 03 - 2007, 11:12 ص]ـ
بل الفضل أن تاذن لمثلي بالعودة سيدي الكريم وناقدنا الكبير
ولولا أن لكلامك في شرح القصيدة حلاوة التواضع ما كان لي أن اخط كلمة واحدة في قصيدة تسوق الحقيقة سوقا فنيا فريدا.
فهي عمل يحتمل التأويل على وجوه ممكنة؛ إذ من الجائز أن يأخذها المحب مستندا لاستدرار عطف محبوبه، كما يتكيء عليها من يمم صوب الحق؛ ليكون الأذان هو الصوت الذي يذكره دائما بربه ودينه.
تحتمل نصوصك كثرة التأويلات المتاحة من خلال زوايا الإطلال عليها، وإن دل هذا فإنما يدل على بصيرة نافذة، وسريرة نقية، وتمكن فريد من طبيعة المعالجة الفنية للعمل الأدبي شعرا أو نثرا.
ومن دلائل بقاء الفن الأدبي – وخاصة الشعر – أنه لا يواجه بالموعظة التي ربما تلمها النفس البشرية وتضيق بأسلوب تقديمها إلا من رحم ربك.
وإنما يكمن التأثير في أن الشعر يهز الوجان، ويأخذ المتلقي على أجنحة الخيال لا ليهيم به في أودية الظنون التي يضيع معها الفكر في كثير من الأحيان، ويتشتت ن بل ليقف به عن طريق التصوير على حقائق النفس والحياة.
وأحسب أن قصيدتك تقول هذا بروعة فائقة، واقتدار متميز.
فالبداية فيها لون من الجذب الذكي الذي قد يوحي بان الشاعر سيتحدث عما مضى من زمان الوصل والغرام الذي تتمزق معه المشاعر وتلتاع الأحاسيس، أو أنه يقص علينا قصة عاشق تبلت فؤاده مواضي الذكريات، وتأتي المفاجأة بتتبع الأبيات؛ فإذا الشاعر يكشف حقيقة النفس أمام الحقيقة التي نكرهها جميعا ولا نحب الحديث عنها " فمن منا يحب الموت؟ "
وتتلاحق الأنفاس مع الننصوير المدهش؛ لتنتهي الأبيات بهذا النداء الؤوم " حي على الصلاة "؛ لتعيد للمرء صوابه إذا أفقدته إياه الحياة بزحامها وهمومها.
إن التفاتك في البيت:
يَا صَاحِ مَاذَا أَنْتَ تَسْتَبْقِي وَمَا قَدْ شِئْتَ لاَتْ؟
يمثل انفراج الأزمة التي قد تحدثها البيات سابقا، وياتي بحل العقدة في عمل شعري لم تزده بعض شيات القصة إلا تألقا وروعة.
فلك التحية والتقدير.
وجزاك الله خيرا من شاعر مبين، وناصح أمين.
¥