قبل أن تتناولها أخي الحبيب علمتُ أنها ستُقرأ هكذا كما قرأتها أنت
أنا وجدت أن صوت جري المياه (شلال) فعندما نسمع وقع النهر الذي يجري بقوة يتراود لذهننا أنه شلال, لذلك نسجتها هكذا
وليس هروبا نحو البحر أبدا, يمكنني أن أنسجها لعدة أشكال
نزلة عند رغبتك للتغيير جعلتها كما ترى
تَدُبُّ الحُرُوْفُ دَبِيْبَ النَّسِيْمِ=بِِسَمْعٍ تَرَاخَى لَهَا واقْشَعَرْ
الدبيب أقرب للهمس من الهبوب, فالهبوب لا يخلو من بعض الشدة والسرعة, عكس الدبيب
فلو كان هبوبا - إذًا لانتفى سبب القشعريرة
وكل كلام أو همس للبشر يسبب لين ومن ثم تتبعه قشعريرة
إلا كلام الله يُقشعر ومن ثمة يُليِّن
فسبحان من تفرد بالكمال
وَرَاحَ يَعُوْمُ بِبَحَرِ الأثِيْرِ=وَحَرِّ الزّفِيْرِ لِفَاهٍ انْهَمَرْ
قصدت الثغر الذي أصدر الكلام وحر الزفير الذي خرج من ذلك الفم,
لمَ المعنى غامض؟
ولأن الساكنان تلاقيا فكان إسقاط أحدهم فصار حرف واحد
هل من إشكال معي؟
لَثَغْرُ حَبِيْبِيْ عَرِيْشَ الثَّمَرْ=تَرَاعَشَ حِيْنَ شَمَمْتُ الزَّهَرْ
بِجِرْسٍ تَسَاقَطَ حَبَّ الكُرُوْمِ=كَنَاقُوْسِ دَيْرٍ لِعِيْدٍ نَقَرْ
جُمَانًا يُقَطِّرُ زَهْرُ الْلِّسَانِ=بِألوَانِ طَيْفِ رَذَاذِ الْمَطَرْ
يُنَدِّيْ بأصْنَافِ رِيْقِ الرَّحِيْقِ=بِهَوْنٍ يُنَاثِرُ مِثْلَ الوَفَرْ
حِكَايَاتُ أمْسٍ وَمَاضٍ قَرِيْبٍ=وَمِصْرَاعُ بَابٍ بِذِكْرَى انْكَسَرْ
كما يريد النحو نكون ((ما في اليد من حيلة))
ولكن: أليس (ماضٍ) أصحُ من ماضٍي
تُهَدْهِدُ مَهْدَ غَرَامٍ قََدِيمٍ=تَأرْجَحَ فَيْءَ غُصُوْنِ الشَّجَرْ
أليست تمرجح لغة فيها؟؟
بِخَمْرٍ تَوَضَّأَ مِنْهَا الخَيَالُ=تَعَتَّقَ فِيْهَا الصِّبا واخْتَمَرْ
لا ضير من التقديم ما دمنا نتكلم عن خيال وليس عن طريقة صناعة
بل على العكس – يكون المعنى أجمل إن سبق التعتيق التخمّر
تُدارُ بكأسِ الشِّفَاهِ الشِّفَافِ=تُمَاوِجُ رَسْمَ خَيَالِ الْقْمَرْ
لَمَسْتُ الزُّجَاجَ, رَشَفْتُ المِزَاجَ=فَعَرْبَِدَ نَبْضِيْ بِقَلْبٍ سَكِرْ
أحسنت أخي الحبيب لأن الـ (سَكَرَ) تعني نبيذ التَّمر
ولكنني لو أردتُ بـ سَكَرَ (سَدَّ أو أغلقَ) مع مراعاة التغييرات على العجز لكان للمعنى وجه آخر, فمعنى سَكَرَ هو سَدُّ النهر من أجل الصيد,, ولعل (سَكَّرَ) إن وجد لها أصل في اللغة- فأعتقد أنه مشتق من (سَكَرَ) وجاء التشديد للمبالغة بالفعل.
كنتُ أضحكُ على كلام والدتي حفظها الله - حينما كانت تقول لي: كان جدك يذهب يَسْكَرْ, تلفظها هكذا بفتحِ الكاف ((تقصد أنه يصيد السمك)) وأنا أقول لها استغفري ربك يا امرأة - أذكروا محاسن موتاكم, فكانت تضجر من كلامي وتضربني بأقرب شيء تستطيع إمساكه, وها هي والدتي تثبت أنها تضاهي سيبويهِ
في الحقيقة يا أبا وسن أن للهجة أهل البصرة الأصليين مفردات قُحِّيَّة أصلها لغة بني تميم فَجُلُّ - أهل البصرة هم من بني تميم - وكلهم قد نزحوا من نجد
وما زلت أسمع مفردات غريبة عجيبة لم يتناولها الصحاح في كتابه ووجدت لها شواهدا كثيرة في الشعر القديم فلو قلتُ لك أن جدتي كانت تقول لي
(زِم عنّي)
فهل تعلم ما المقصود بـ زم؟ علمتُ أنها تعني ابتعد عني وغالبا ما توصف بها الخيل في الشعر القديم.
فَلَوْ كُنْتُ مِنْ مُقْلَتَيْهَا الصُّوَرْ=ذَبَحْتُ وَرِيْدِيْ بِنَصْلِ الْحَوَرْ
لِأطْفُوْ غَرِيْقًا بِمَاءِ الْعُيُوْنِ=وَسَطْحِ الْمَرَايَا لِقَعْرِ البَصَرْ
أخَافُ عَلَيْهَا شِرَارَ الْبَشَرْ=وََوَسْمَ الْجَمَالِ وَسَهْمَ النَّظَرْ
أغَارُ عَلَيْهَا نَسَيْمَ الصَّبَا=إذَا هَفَّ صُبْحًا وَحَفَّ الشَّعَرْ
أعتقدها الآن واضحة لا تحتاج لشرح
طَفِقْتُ أُنَاشِدُ طَيْفًا بَعِيْدًا=تَهَادَى يُؤَرِّقُ جِفْنًا سَهَرْ
عموما هنالك تطور في النحو, أليس كذلكَ؟ ولكنني لم أستمع لإشادة بذلك!!
فَيَا لَيْلُ مَالَكَ تَرْمِيْ الوَدَاعَ=أزَحْزَحَ بَدْرَكَ نَجْمُ السَّحَرْ؟
تَمَلْمَلْتَ حِبَّا جَفَاهُ الحَبِيْبُ=فَأمْسَى غَرِيْبًا نَفَاهُ الْقَدَرْ
تَأنَّ, فَمَا زَالَ يَحْلُو السَّمَرْ=وَقَدْ غَابَ حَالٌ وَأمْسٌ حَضَرْ
لِشِعْرِ النِّسَاءِ قَرَارٌ عَمِيْقٌ=يَزُجُّ الْمُجُوْنُ لِعُمْقِ الْخَطَرْ
فَإنْ غَرَّ عَزْفِيْ رَنِيْنُ الْوَتَرْ=فَإنَّ الْمُلامَ اعْتَدَى وَاعْتَذَرْ
الأخ الكريم أبو وسن
مرور عطر
ما رأيك لو تحدثنا قليلا عن هذا البحر؟
حقيقة أنا لا أجد له رنة تُغري
طبعا سيقال كيف ذلك والمتقارب كله رنين
أقول: أجده لا ينفع لشعر الحماسة على الأقل أنا من يجده كذلك
كذلك أجد الخبب والهزج كما هو سابقهما
صحيح أن
لبحر الهزج تسهيل=وإسراع المفاعيل
لكنه تسهيل للغزل وتسريع للغناء
لا أعلم لمَ أحب البسيط واجده اقرب إلى نفسي
ومن بعده الكامل
هل تجد لبعض البحار تجاوب مع بعض المواضيع؟؟
تحياتي لك
¥