جزى الله الأخت الفاضلة قطر الندى على هذا الطرح الجميل .. وسيكون لنا عودة مرات ومرات للموضوع، ولكن أحب أن أوكد شيئاً وهو أن ابن الفارض رجل يمثل نفسه ولا يجب أن يعتبر محوراً في الحكم على طائفة برمتها من خلاله فلا يعتبر حجة وحيدة، مع اعتقادي أنه هناك من هو في شطط أكثر والله أعلم.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 05:30 ص]ـ
عمر بن الفارض
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ((ابن الفارض، ناظم التائيّة في السلوك على طريقة المتصوفة المنسوبين إلى الاتحاد، هو أبو حفص عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي الأصل المصري المولد والدار والوفاة، تكلم فيه غير واحد من مشايخنا بسبب قصيدته المشار إليها وقد ذكره شيخنا أبو عبد الله الذهبي في ميزانه وحط عليه)). (البداية والنهاية: 13ـ143).
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((ولد في ذي القعدة سنة (576 هـ) بالقاهرة، ومات سنة (632 هـ) قال المنذري: سمعت منه من شعره، وقال في التكملة: كان قد جمع في شعره بين الحوالة والحلاوة، قال الذهبي: إلا أنه شابَهُ بالاتحاد في ألذ عبارة وأرق استعارة كفالوذج مسموم ثم أنشد من التائية التي سماها نظم السلوك أبياتا منها:
لها صلواتي بالمقام أقيمها وأشهد فيها أنها لي صلَّتِ
كلانا مصل واحد ساجد إلى حقيقته بالجمع في كل سجدة
ومنها:
وها أنا أبدي في اتحادي مبدأي وأنهي انتهائي في مواضع رفعتي
وفي موقفي لا بل إلى توجهي ولكن صلاتي لي ومني كعبتي
ومنها:
ولا تك ممن طيّشته دروسه بحيث استقلت عقله واستفزت
فثم وراء العقل علم يَدِقُّ عن مدارك غايات العقول السليمة
تلقيته عني ومني أخذته ونفسي كانت من خطئي محيدتي
ومنها:
وما عقد الزنار حكماً سوى يدي وان حلَّ بالإقرار فهي أحلت
وإن خرَّ للأحجار في الله عاكفٌ فلا بعد بالإنكار بالعصبية
وإن عبدَ النارَ المجوسُ وما انطفت فما قصدوا غيري لأنوار عزتي
قلت ومن هذه القصيدة:
وجُدْ في فنون الاتحاد ولا تَحِد إلى فئة في غرَّة العمر أصبت
ومنها:
إلي رسولاً كنتَ مني مرسلاً وذاتي أماني علي استقلت)).
قال الذهبي: ((فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد الذي لا حيلة في وجوده فما في العالم زندقة ولا ضلال، اللهم ألهمنا التقوى وأعذنا من الهوى فيا أئمة الدين ألا تغضبون لله فلا حول ولا قوة إلا بالله)). (سير أعلام النبلاء: 22ـ368).
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((سألت شيخنا الإمام سراج الدين البُلقيني عن ابن عربي، فبادر الجواب: بأنه كافر. فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه. قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد.؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاء عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر.
ورأيت في كتاب التوحيد للشيخ عبد القادر القوصي قال: حكى لي الشيخ عبد العزيز بن عبد الغني المنوفي قال: كنت بجامع مصر وابن الفارض في الجامع وعليه حلقة، فقام شاب من عنده وجاء إلى عندي وقال جرى لي مع هذا الشيخ حكاية عجيبة، يعني بن الفارض، قال دفع إلي دراهم وقال اشتر لنا بها شيئاً للأكل فاشتريت ومشينا إلى الساحل فنزلنا في مركب حتى طلع البهنسا فطرق باباً فنزل شخص فقال: بسم الله، وطلع الشيخ فطلعت معه وإذا بنسوة بأيديهن الدفوف والشبابات وهم يغنون له، فرقص الشيخ إلى أن انتهى وفرغ، ونزلنا وسافرنا حتى جئنا إلى مصر، فبقي في نفسي فلما كان في هذه الساعة جاءه الشخص الذي فتح له الباب فقال له: يا سيدي فلانة ماتت، وذكر واحدة من أولئك الجواري، فقال: اطلبوا الدلال وقال: اشتر لي جارية تغني بدلها، ثم أمسك أذني فقال: لا تنكر على الفقراء)). (لسان الميزان: 4ـ364).
وقال أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير, في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} (صفحة: 14 - 143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً , وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصور الجميلة , وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج, والشوذي , وابن أحلى , وابن عربي المقيم بدمشق , وابن الفارض , وأتباع هؤلاء كابن سبعين)).
وقال الشيخ محمد بن علي النقاش في وحدة الوجود: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض)). (تنبيه الغبي: 147).
¥