وإنك لتقرأ في كتب الأدب القديم أسماء كثيرة لشاعرات من النساء ثم لا تجد لواحدة منهنَّ ديواناً حافلاً مجموعاً مرتباً مشروحاً كما فعلوا ذلك بدواوين الشعراء الرجال. فقد بالغ العلماء بجمع شعرهم وترتيبه وشرحه والموازنة بينه وبين غيره، وبذلوا وسعهم في إظهار معانيها المخترعة ومقابلة بعضها ببعض، ومآخذ المشترك منها، والموازنة بين المأخوذ والمأخوذ منه، ولم يكن لعلماء اللغة ورواتها مثل هذه العناية لشاعرة من شواعر الجاهلية. وكأنَّ الذين تخيروا الشعر لم يريدوا أن يتخيروا قصيدة أو قصائد للنساء لتكون بجانب قصائد الشعراء من الرجال!
فهذا أبو زيد القرشي في كتابه (جمهرة أشعار العرب) وهو من أجود كتب الاختيارات ضمَّن كتابه تسعاً وأربعين قصيدة من القصائد الطوال ولم يورد فيها قصيدةً واحدةً لامرأة من شعراء الجاهلية أو الإسلام مع إِنَّ في أشعار جليلة البكرية والخنساء وليلى العفيفة وغيرهنَّ ما يُزري بشعر الشعراء ويفوقه ولا يذكر بجانبه شعر كثير من أصحاب المذهبات والمشوبات والملحمات والمنتقيات التي أوردها في جمهرته.
وكذلك المفضَّل بن محمد الضبي رحمه الله في كتابه (المفضليات) اختار مائة وعشرين قصيدة وقطعة كلها للرجال إلا أبيات خمسة نسبها لشاعرة مجهولة من بني حنيفة.
أخي الدكتور ابن هشام ......................... الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
السؤال هنا يطرح نفسه:
دكتورنا الحبيب , لم لم نر بين كل تلك الكتب والمراجع أي كتاب أو مرجع من تأليف المرأة نفسها , بمعنى أن جميع الكتب والمراجع التي ناقشت وجمعت الأدب والشعر وفنونهما منذ فجر التاريخ الأدبي وحتى اللحظة , هي من تأليف الرجل؟
هل كان الرجل وراء منع المرأة من البحث ووضع المراجع في تاريخ الأدب العربي؟؟
لم لم تقوم المرأة نفسها لمناقشة هذه المشكلة (موضوعك)؟
هل كنت ستمنع أختك أو زوجتك أو بنتك من تأليف مثل تلك المراجع , أو مناقشة المشاكل التي واجهتها المرأة عبر العصور؟
لم لم تبادر المرأة حتى هذه اللحظة بالدفاع عن حقها ومحاولة إعادته ولو بموضوع مثل هذا الموضوع؟؟ لا أعتقد أن أحدا سيعيب عليها ذلك.
لست ضد المرأة في شئ , لكن إن كانت المرأة ترى أن الرجل هضم حقها في بيان إبداعاتها عبر العصور , لم لم تبادر ولا تبادر في رفع هذا الضيم بيدها؟
إن كانت المرأة مبدعة حقاً فلماذا لا تبدع في مجال تأليف المراجع وتجميع كتاباتها عبر العصور؟
لا أنكر على المرأة إبداعاتها في جميع المجالات , لكنني أستغرب من عدم وجود أي مرجع قديم أو حديث من تأليف المرأة.
للأسف دكتورنا الحبيب , لقد لمست ما هو أغرب من هذا الطرح , ألا وهو أن المرأة هي من هضم حقها بنفسها , صدقني " لو أن امرأة ألفت مرجعا على غرار المراجع الأدبية التي ذكرتها , لأنصفت الرجل على المرأة بل ولهضمت حقها بيدها.
لست إلا تلميذا في مدرستكم , لا أعدل ولا أقترح عليكم , لكنني أبدي رأيي ..
بارك الله فيكم
وشكرا جزيلا لكم ولدكتورنا الحبيب د. سليمان خاطر الذي دعاني لهذا الموضوع.
ـ[الباز]ــــــــ[13 - 12 - 2008, 03:17 ص]ـ
السلام عليكم
باختصار شديد اسوق لكم هذا الرأي:
المرأة في مجال الكلام الجميل تحب أن تسمع أكثر مما تقول
و الشعر كلام جميل لا يشذ عن هذه القاعدة ..
و لو تتبعنا شعر النساء لوجدناه لا يخرج عن المراثي والتحفيز للثأر
بالبيتين أو الثلاثة .. ولم يشذ عن هذه القاعدة في علمي إلا الخنساء
التي جاءت بالقصائد الطوال ..
و قد أنصفها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنصفها الشعراء
و النقاد .. جاء في خزانة الادب:
"وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه شعرها ويستنشدها ويقول: هيه يا خناس ويومئ بيده صلى الله عليه وسلم.
ولما قدم عدي بن حاتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحادثه فقال: يا رسول الله،
إن فينا أشعر الناس وأسخى الناس وأفرس الناس، قال: سمّهم. قال: أما أشعر الناس
فامرؤ القيس بن حجر، وأما أسخى الناس فحاتم بن سعد
وأما أفرس الناس فعمرو بن معد يكرب.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس كما قلت يا عدي ..
أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو وأما أسخى الناس فمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب.
واتفق أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وقيل لجرير: من أشعر الناس؟ قال: أنا لولا الخنساء قيل: بم فضلتك؟ قال:
بقولها:
إن الزمان وما يفنى به عجب**أبقى لنا ذنباً واستؤصل الراس
إن الجديدين في طول اختلافهما**لا يفسدان ولكن يفسد الناس
وكانت في أوائل أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قتل أخوها معاوية ثم أخوها صخر"
و قيل أن بشار بن برد كان يقول: ما قالت امرأة شعرا إلاّ ظهر عليه الضعف
فقيل له: حتى الخنساء؟
فقال: لا .. تلك بفحلين من فحول الشعر.
و كان الأصمعي يفضل ليلى الأخيلية عليها ..
المعذرة على الإختصار و الإقتصار على العصور القديمة
و عدم التطرق للعصر الحديث
و ألف شكر على الموضوع
¥