تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 07:33 م]ـ

عذرا أخي ,صدقت ولكن

هي تكذب , فما يأتي بالشعر موزونا إلا خليل الكتاب.

ولكنها غيرة المرأة:)

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[15 - 12 - 2008, 07:39 م]ـ

قال الجاحظ في كتابه "الحيوان ":

"فضل الكتاب"

والكتاب هو الذي يؤدي إلى الناس كتب الدين، وحساب الدواوين مع خفة نقله، وصغر حجمه؛ صامت ما أسكته، وبليغ ما استنطقته، ومن لك بمسامر لا يبتديك في حال شغلك، ويدعوك في أوقات نشاطك، ولا يحوجك إلى التجمل له والتذمم منه، ومن لك بزائر إن شئت جعل زيارته غبا، ووروده خمسا، وإن شئت لزمك لزوم ظلك، وكان منك مكان بعضك.

والقلم مكتف بنفسه، لا يحتاج إلى ما عند غيره؛ ولا بد لبيان اللسان من أمور: منها إشارة اليد، ولولا الإشارة لما فهموا عنك خاص الخاص إذا كان أخص الخاص قد يدخل في باب العام، إلا أنه أدنى طبقاته؛ وليس يكتفي خاص الخاص باللفظ عما أداه، كما اكتفى عام العام والطبقات التي بينه وبين أخص الخاص.

والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملك، والمستميح الذي لا يستريثك، والجار الذي لا يستبطيك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق، ولا يحتال لك بالكذب، والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك، وجود بنانك، وفخم ألفاظك، وبجح نفسك، وعمر صدرك، ومنحك تعظيم العوام وصداقة الملوك، وعرفت به في شهر، ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر، مع السلامة من الغرم، ومن كد الطلب، ومن الوقوف بباب المكتسب بالتعليم، ومن الجلوس بين يدي من أنت أفضل منه خلقا، وأكرم منه عرقا، ومع السلامة من مجالسة البغضاء ومقارنة الأغبياء.

والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر، ولا يعتل بنوم، ولا يعتريه كلال السهر، وهو المعلم الذي إن افتقرت إليه لم يخفرك، وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة، وإن عزلت لم يدع طاعتك، وإن هبت ريح أعاديك لم ينقلب عليك، ومتى كنت منه متعلقا بسبب أو معتصما بأدنى حبل، كان لك فيه غنى من غيره، ولم تضطرك معه وحشة الوحدة إلى جليس السوء، ولو لم يكن من فضله عليك، وإحسانه إليك، إلا منعه لك من الجلوس على بابك، والنظر إلى المارة بك، مع ما في ذلك من التعرض للحقوق التي تلزم، ومن فضول النظر، ومن عادة الخوض فيما لا يعنيك، ومن ملابسة صغار الناس، وحضور ألفاظهم الساقطة، ومعانيهم الفاسدة، وأخلاقهم الردية، وجهالاتهم المذمومة، لكان في ذلك السلامة، ثم الغنيمة، وإحراز الأصل، مع استفادة الفرع، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه يشغلك عن سخف المنى وعن اعتياد الراحة، وعن اللعب، وكل ما أشبه اللعب، لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة وأعظم المنة.

وقد علمنا أن أفضل ما يقطع به الفراغ نهارهم، وأصحاب الفكاهات ساعات ليلهم، الكتاب، وهو الشيء الذي لا يرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ولا عقل ولا مروءة، ولا في صون عرض، ولا في إصلاح دين، ولا في تثمير مال، ولا في رب صنيعة ولا في ابتداء إنعام.

أقوال لبعض العلماء في فضل الكتاب وقال أبو عبيدة، قال المهلب لبنيه في وصيته: يا بني لا تقوموا في الأسواق إلا على زراد أو وراق.

وحدثني صديق لي قال: قرأت على شيخ شامي كتابا فيه من مآثر غطفان فقال: ذهبت المكارم إلا من الكتب.

وسمعت الحسن اللؤلؤي يقول: غبرت أربعين عاما ما قلت ولا بت ولا اتكأت إلا والكتاب موضوع على صدري.

وقال ابن الجهم: إذا غشيني النعاس في غير وقت نوم - وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة - قال: فإذا اعتراني ذلك تناولت كتابا من كتب الحكم، فأجد اهتزازي للفوائد، والأريحية التي تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة، والذي يغشى قلبي من سرور الاستبانة وعز التبيين أشد إيقاظا من نهيق الحمير وهدة الهدم.

وقال ابن الجهم: إذا استحسنت الكتاب واستجدته، ورجوت منه الفائدة ورأيت ذلك فيه - فلو تراني وأنا ساعة بعد ساعة أنظر كم بقي من ورقه مخافة استنفاده، وانقطاع المادة من قلبه، وإن كان المصحف عظيم الحجم كثير الورق، كثير العدد - فقد تم عيشي وكمل سروري.

وذكر العتبي كتابا لبعض القدماء فقال: لولا طوله وكثرة ورقه لنسخته، فقال ابن الجهم: لكني ما رغبني فيه إلا الذي زهدك فيه؛ وما قرأت قط كتابا كبيرا فأخلاني من فائدة، وما أحصي كم قرأت من صغار الكتب فخرجت منها كما دخلت.

وقال العتبي ذات يوم لابن الجهم: ألا تتعجب من فلان نظر في كتاب الإقليدس مع جارية سلمويه في يوم واحد، وساعة واحدة، فقد فرغت الجارية من الكتاب وهو بعد لم يحكم مقالة واحدة، على أنه حر مخير، وتلك أمة مقصورة، وهو أحرص على قراءة الكتاب من سلمويه على تعليم جارية، قال ابن الجهم: قد كنت أظن أنه لم يفهم منه شكلا واحدا، وأراك تزعم أنه قد فرغ من مقالة قال العتبي: وكيف ظننت به هذا الظن، وهو رجل ذو لسان وأدب؟ قال: لأني سمعته يقول لابنه: كم أنفقت على كتاب كذا؟ قال: أنفقت عليه كذا، قال: إنما رغبني في العلم أني ظننت أني أنفق عليه قليلا وأكتسب كثيرا، فأما إذا صرت أنفق الكثير، وليس في يدي إلا المواعيد، فإني لا أريد العلم بشيء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير