تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تفسير الإمام أبي عمرو بن الصلاح من فتاويه]

ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[27 Mar 2008, 11:00 ص]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ..

يُعد الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله (ت 643) واحدًا من أئمة الإسلام العظام الذين كان لهم باع كبير في خدمة الإسلام والمسلمين؛ لا سيما في علوم مصطلح الحديث؛ فكل من أتى بعده قد استفاد من مقدمته في المصطلح إما بالإضافة أو الشرح أو الاختصار أو النظم ... إلخ

وذاعت مقدمته هذه ذيوعًا منقطع النظير ولله الحمد والمنة، إلا أن ذيوع علم ابن الصلاح في العلوم الأخرى لم يكن على القدر المطلوب؛ لذلك أردتُ أن أجمع طائفة من تفسيره للقراّن الكريم من خلال فتاواه في التفسير والحديث والأصول والفقه، والتي جمعها تلميذه كمال الدين إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي (ت 650) ..

وقد اعتمدت على طبعة دار الوعى بحلب بتحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي.

وسوف أقسم التفسيرات على حلقات؛ حتى يسهل المتابعة، ووضعت لكل حلقة عنونًا من عندي فالله الموفق ...

الحلقة الأولى:

تفسير الاّية الثانية والأربعين من سورة الزمر و الاّية الرابعة والأربعين من سورة يوسف وكلام حول الروح وقبضها في المنام وعن الرويا الصالحة والرؤيا الفاسدة وأمارة كل واحدة منهما:

مسألة في قوله تبارك وتعالى: (الله يتوفى الأنفس في موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ... إلى اّخر الاّية.

قال المستفتي يريد تفسيرها على الوجه الصحيح بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحاح، أو بما أجمع أهل الحق على صحته، وقوله تتبارك وتعالى: (قالوا أضغاث أحلام) وما معنى أضغاث أحلام؟ ومن أين يفهم المنام الصالح من المنام الفاسد؟

* أجاب - رضي الله عنه - أما قوله تبارك وتعالى: (الله يتوفى الأنفس ... الاّية) فتفسيره:

الله يقبض الأنفس حين انقضاء أجلها بموت أجسادها، والتي يقبضها أيضًا عند نومها، فيمسك التي قضى عليها الموت بموت أجسادها فلا يردها إلى أجسادها، ويرسل الأخرى التي لم تقبض بموت أجسادها حتى تعود إلى أجسادها إلى أن يأتي أجلها المسمى لموتها ..

* قوله تعالى - هذه مني للتوضيح-: (إن في ذلك لاّيات لقوم يتفكرون) لدلالات المتفكرين على عظيم قدرة الله سبحانه، وعلى أمر البعث فإن الاستيقاظ بعد النوم شبيه له ودليل عليه ..

نُقل أن في التوراة: (يا ابن اّدم كلما تنام تموت، وكلما تستيقظ تبعث) ...

* فهذا واضح والذي يُشكل في ذلك أن النفس المتوفاة في المنام أهي الروح المتوفاة عند الموت أم هي غيرها؟ فإن كانت هي الروح فتوفيها في النوم يكون بمفارقتها الجسد أم لا؟

وقد أعوز الحديث الصحيح والنص الصريح والإجماع أيضًا لوقوع الخلاف فيه بين العلماء ..

* فمنهم من يرى أن للإنسا نفسًا تتوفى عند منامه غير النفس التي هي الروح، والروح لا تفارق الجسد عند النوم، وتلك النفس الموتفاة في النوم هي التي يكون بها التمييز والفهم، وأما الروح فبها تكون الحياة و لا تقبض إلا عند الموت، ويُروى معنى هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما ..

* ومنهم من ذهب إلى أن النفس التي تتوفى عند النوم هي الروح نفسها، واختلف هؤلاء في توفيها:

*فمنهم من يذهب إلى أن معنى وفاة الروح بالنوم قبضها عن التصرفات مع بقائها في الجسد، وهذا موافق للأول من وجه وخالف من وجه وهو قول بعض أهل النظر من المعتزلة ..

*ومنهم من ذهب إلى أن الروح تتوفى عند النوم بقبضها من الجسد ومفارقتها له، وهذا الذي نجيب به وهو الأشبه بظاهر الكتاب والسنة.

* وقد أخبرنا الشيخ أبو الحسن بن أبي الفرج النيسابوري بها قال:

أنا جدي أبو محمد العباس بن محمد الطوسي عن القاضي أبي سعيد الفرخزاذي عن الإمام أبي إسحق أحمد بن محمد الثعلبي - رحمه الله تعالى - قال: قال المفسرون: (إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله، فإذا أرادت جميعها الرجوع إلى أجسادها أمسك الله أرواح الأموات عنده، وحبسها، وأرسل أرواح الأحياء حتى ترجع إلى أجسادها) ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير