[هل هذا الاستنباط صحيح؟!]
ـ[أسامة السلمي]ــــــــ[02 Jun 2008, 02:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فمدارسة القرآن خير ماتقضى فيه الأوقات، أضف إلى ذلك ما إذا كانت الدارسة مع من هم على قدر من العلم والفقه، وأريد هنا أن أتدارس مع الإخوة في الملتقى عن استدلال ودليل وهو أنه كثيراً ما يتردد على بعض ألسنة الدعاة عن تحريم النمص استدلالهم بقوله تعالى حكاية عن إبليس اللعين: (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله). وأسأل المشايخ وطلبة العلم في هذا الملتقى عما يأتي:
1 - مادلالة هذه الآية؟ هل تفيد النهي؟ أم أمراً آخر؟ وما المراد من سوق القصة؟
2 - ثم ما المقصود بتغيير خلق الله؟ وهل تغييره محرم أم جائز؟ بمعنى مثلاً هل شق الأنفاق في الجبال من تغيير خلق الله؟ وما حكمه؟ والأمر نفسه في تعبيد الطرق وعمارة المدن والأحياء ..... ألخ.
3 - وهل يمكن أن نفهم أنه كلما كان الشيء أقرب إلى الطبيعة والخلقة الأصلية فهو خير من ابتعاده عنها!!.
أفيدونا مأجورين.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[10 Jun 2008, 02:45 ص]ـ
الأخ الكريم أسامة ..
اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى: (فليغيرن خلق الله):
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن مجاهد، وعكرمة، وإبراهيم النخَعي، والحسن، وقتادة، والحكم، والسدّي، والضحاك، وعطاء الخُراساني رحمهم الله؛ أن المراد: دين الله، واختاره ابن جرير الطبري وقال: " وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، قولُ من قال: معناه:"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"، قال: دين الله. وذلك لدلالة الآية الأخرى على أن ذلك معناه، وهي قوله: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)، [سورة الروم: 30].
وإذا كان ذلك معناه، دخل في ذلك فعل كل ما نهى الله عنه: من خِصَاءِ ما لا يجوز خصاؤه، ووشم ما نهى عن وشمه وَوشْرِه، وغير ذلك من المعاصي= ودخل فيه ترك كلِّ ما أمر الله به. لأن الشيطان لا شك أنه يدعو إلى جميع معاصي الله وينهى عن جميع طاعته. فذلك معنى أمره نصيبَه المفروضَ من عباد الله، بتغيير ما خلق الله من دينه". [جامع البيان: 9/ 222].
وعلى هذا فليس كل تغيير في خلق الله تعالى يكون اتباعاً للشيطان، وإلا لكان صنع المخترعات الحديثة وأنواع الأطعمة والملبوسات جميعها من تغيير خلق الله تعالى المنهي عنه في الآية، وهذا لا يقول به أحد ..
قال ابن عاشور رحمه الله: " وليس من تغيير خلق الله التصرّف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن؛ فإنّ الختان من تغيير خلق الله ولكنّه لفوائد صحيّة، وكذلك حَلق الشعر لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليمُ الأظفار لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزيّن ... وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنّما يكون إنما إذا كان فيه حظّ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لِنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتّصال الحديث بها ". [التحرير والتنوير: 4/ 39].
والله أعلم ..
5/ 6 / 1429هـ
ـ[أسامة السلمي]ــــــــ[10 Jun 2008, 08:42 ص]ـ
حيالك الله ياشيخ فهد، وجزاك الله خيراً على بيانك هذا، وأنت الأولى بالتحدث عن الاستنباط من القرآن. ولاشك أن تفسيره بالدين يحل كثيراً من الإشكالات.