تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ووجدك ضالا فهدى .. شهادة تبرئة من الله]

ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Jul 2008, 12:23 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[ووجدك ضالا فهدى .. شهادة تبرئة من الله]

مادة "ضلل" استعملت في القرآن واللغة في المفارقة وشدة البعد للأماكن والأشياء والأعمال؛

فالضلال يؤدي إلى البعد، والمفارقة، والغيبة، والنسيان، والضياع، وعدم العودة.

يقال؛ أضللت الشيء إذا غيبته، وأضل الميت إذا دفنه وغيبه، وضل ذهب عنك، ومات، وهلك.

(وَقَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) السجدة، أي بعد تحولهم إلى تراب ينتشر ويغيب بين التراب،

وقال تعالى في غياب من أشركوا به عن المشركين يوم القيامة: (وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (24) الأنعام.

ومن ذلك ضلال الأعمال: أي ضياعها، وعدم رجوع منفعتها على صاحبها؛ فلا تحسب في ميزان حسناته؛ قال تعالى: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف،

وقوله تعالى: (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) غافر، (وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) غافر أي في ضياع.

فالمفارقة إما أن تكون للمكان والطريق، فيضل المكان أو الطريق إلى حيث لا يعلم،

وإما أن تكون المفارقة للناس، والأفعال؛ فيترك الضال ويهجر ما اجتمع عليه قومه، وجماعته، وأهل بلدته، دون العودة إلى ما هم عليه.

ومن ذلك قول قوم نوح عليه السلام له: (قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) .. . لتصريحه بالخروج عما ألفوه من الكفر والشرك، والدعوة إلى خلافه؛ فقال لهم: (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) الأعراف. أي أنه يعلم ويعرف وجهته التي يسير عليها من توحيد الله تعالى وعدم الإشراك به.

ومن ذلك نفي الله تعالى وصف الكافرين لنبيه بالضلالة أي الابتعاد عما هم عليه بغير هدى من الله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم.

ومن ذلك تقريب يعقوب ليوسف عليهما السلام أكثر من إخوته فأبعدوا بهذا التقريب عن أبيهم، فوصفوا أباهم بأنه في ضلال: (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (8) يوسف

ثم أكدوا ذلك: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ (94) قَالُواْ تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ الْقَدِيمِ (95) يوسف.

ولما خرجت امرأت العزيز عن طبع الحرة في مراودتها لفتاها اتهمت بالضلال؛ (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30) يوسف،

وفي سورة الشعراء؛ لما اتهم فرعون موسى عليه السلام بأنه من الكافرين للنعمة التي أنعم عليه فرعون بتربيته بين الفراعنة: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) ... كان رد موسى عليه السلام: (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) .. أي أنا من بني إسرائيل؛ المبعدين عن فرعون المستعبدين له ... وأكد ذلك بقوله: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) الشعراء، أي قربتني وأنعمت علي من بينهم وظلوا هم مبعدين مستعبدين.

ومن ذلك قوله تعالى في نسيان الشاهد ما شهد عليه بعد طول وبعد من الزمن؛ قال تعالى: ((أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى (282) البقرة،

ونفي الله تعالى بعده وغيبته عن الأشياء أو غيبتها عنه؛ قال تعالى: (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى (52) طه،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير