[سورة النازعات! وحدة موضوعية تامة!]
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 May 2008, 09:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين له وحده الحمد كله وبيده الأمر كله وإليه ترجعون! لا زلنا نواصل الحديث عن السور التي تتخذ متكئا لهؤلاء الطاعنين في القرآن الكريم القائلين بعدم بيانه! واليوم نتناول بإذن الله وعونه وعليه الحول والتوكل أول سورة النازعات! ونبدأ في تقديم التصور العام للسورة ثم بعد ذلك نبدأ بتناول السورة.
المنظور العام للسورة:
سورة النازعات من أولها إلى آخرها تدور في فلك الإنذار بالعذاب الذي ينزل بالكافرين المنكرين المعاندين , فهي تبدأ بمشهد نزول العذاب بالكافرين ثم تصف حال الكافرين عند نزول العذاب ثم تضرب لنا نموذجا معروفا لمن نزل بهم العذاب وهم فرعون وقومه ثم توضح للإنسان مقداره الحقير وفضل الله عليه وقدرة الله على إنزال العذاب به في أي وقت شاء ولكن العذاب لا ينزل هكذا عبثا أو اعتباطا بل هو مرتبط بأسبابه فإذا توفرت استحق الإنسان العذاب والذي لا يعرف الإنسان ميعاده فلا يعرفه إلا الله تعالى.
ونبدأ الآن في تناول هذه السورة التي أشكلت على المفسرين أيما إشكال وتخبطوا فيها أيما خبط! لأنهم لا يحاولون أن يقدموا صورة واحدة متكاملة للسورة فاختلفوا في المذكورات الخمس في أول السورة هل لهن كلهن مدلول واحد أم أنهن مختلفات المداليل؟ فقالوا أنهن كلها في الملائكة وعادوا فقالوا أن الثلاث الأول في الكواكب أو النجوم والإثنتان الأخريتان هما في الملائكة وقيل بالعكس! وقيل أنها كلها في الكواكب! وبسبب هذا التخبط الشديد نجد أن بعض الكاتبين المعاصرين عند تعرضه لهذه السورة أقر بهذا الغموض! فقال:
" هذه السورة نمودج من نمادج هذا الجزء (جزء عم) لإشعار القلب البشري حقيقة الآخرة، بهولها وضخامتها، وجديتها، وأصالتها في التقدير الإلهي لنشأة هذا العالم الإنساني، والتدبير العلوي لمراحل هذة النشأة وخطواتها على ظهر الأرض وفي جوفها، ثم في الدار الآخرة، التي تمثل نهاية هذه النشأة وعقباها. وفي الطريق إلى إشعار القلب البشري حقيقة الآخرة الهائلة الضخمة العظيمة الكبيرة يوقع السباق إيقاعات منوعة على أوتار القلب، ويلمسه لمسات شتى حول تلك الحقيقة الكبرى. وهي إيقاعات ولمسات تمت إليها بصلة. فتلك الحقيقة تمهد لها في الحس وتهيئه لاستقبالها في يقظة وفي حساسية. يمهد لها بمطلع غامض لكنه يثير بغموضه شيئاً من الحدس والرهبة والتوجس. يسوقه في إيقاع موسيقي راجف لاهت، كأنما تنقطع به الأنفاس من الذعر والارتجاف والمفاجأة ةالانهيار: (والنازعات غرقا، والناشطات نشطا، والسابحات سبحا. فالسابقات سبقا. فالمدبرات أمرا) .. وعقب هذا المطلع الغامض الراجف يجيء المشهد الأول من مشاهد ذلك اليوم. ظله من ظل ذلك المطلع وطابعه من طابعه، كأنما المطلع له إطار وغلاف يدل عليه: (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ...... "
مطلع أدبي جميل للحديث عن السورة ولكنه لا يقدم لنا شيئا بل يقر بغموضها كما هي , لأن السادة المفسرين ما استطاعوا أن يجزموا في أقوالهم برأي واحد , والمشكلة في أقوال المفسرين في هذه السورة أنهم كعادتهم انشغلوا بكل كلمة على حدة , فلم يحاولوا أن يقدموا لنا رابطا يربط آي هذه السورة ببعض , وإنما جعلوا كل جزء من هذه الأجزاء مستقل بنفسه , وجعلوا الكلام مقطعا فمنه في الدنيا ثم ينتقل مباشرة إلى الآخرة , ثم يعود مرة أخرى إلى الدنيا ثم يأتي الرد من الملائكة , هكذا بدون أي ترابط أو تناسق!
وعلى الرغم من أن المفسرين توصلوا أو كادوا فعلا إلى معان المفردات الواردة في أول السورة إلا أن هذا لم ينفعهم في أن يحددوا لنا أين وكيف ومتى هذه الأحداث في أول السورة بل جعلوها قطعا منفصلات غير مرتبطات , لذا نبدأ بحول الله وعونه في تناول هذه السورة - والتي لا يكاد يغفل القارئ عن معان مفرداتها إلا في في مفردتين إثنتين فقط , أما ما عداهما فمعروف مألوف -موضحين ترابط هذه الآيات ترابطا متينا , حامدين الله على أننا أول من قدم هذه الصورة المتماسكة لأول النازعات:
¥