[السياق القرآني في سورة البقرة [2] (بناء أحكام السورة على التيسير والتخفيف)]
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[14 Jun 2008, 07:47 ص]ـ
الأحكام في السورة بنيت على الرحمة والتيسير والتخفيف، وقد جاء التصريح بذلك في السورة في ثلاثة مواضع، وهي:
1 - قوله تعالى: في آيات القصاص: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة 178]
2 - قوله تعالى: في آيات الصيام {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة 185].
3 - قوله تعالى: في آخر السورة بعد بيان جميع الأحكام والتشريعات، وهو قوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} ففيه تخفيف عام على الأمة على حسب الطاقة والوسع وهو شامل لجميع أحكام الشريعة، فهو قاعدة من قواعد التشريع.
قال ابن عطية في تقرير ذلك:" وهذا المعنى الذي ذكرناه في هذه الآية يجري مع معنى قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" [الحج 78] وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن 16] " ([1]).
وقد تجلى هذا المحور في أحكام السورة من عدة جوانب:
الأول: جانب رعاية التخفيف العام على الأمة، ومن شواهد ذلك:
1 - قوله تعالى: في آيات القصاص {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ".
2 - قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ .. } إلى قوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}
3 - قوله تعالى: {وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} وقد كانت العرب تأتي البيوت من ظهورها حال إحرامها.
4 - قوله تعالى: في آيات الحج {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} وقد كانت العرب تمنع التمتع، وجعل الهدي شكراناً أ, جبراناً، ثم جعل الصيام بدلاً عن الهدي زيادة في الرخصة والرحمة ..
5 - قوله تعالى: في آيات الحج {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}. وفيه إباحة التجارة في الحج.
6 - قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} أي اليسير، وهذا رحمة وتيسير.
7 - قوله تعالى: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} وهذا فيه تخفيف ورحمة.
8 - قوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وقد كانت اليهود تحرم إتيان المرأة في قبلها من دبرها.
9 - قوله تعالى: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا} في التخفيف في حكم المكاتبة في البيع
10 - وقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ}
الثاني: جانب رعاية المحتاج. ومن أمثلة ذلك:
1 - قوله تعالى: في آية أصول المحرمات {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}
2 - قوله تعالى: في آيات الصيام {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وقد تكررت مرتين.
3 - قوله تعالى: في آيات الحج {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}
4 - قوله تعالى: في آيات الحج {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}
الثالث: جانب رعاية الضعيف.
1 - قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} فمن رحمته بالضعفاء أمر بإصلاحهم ومخالطتهم، وهذا خلاف ما عليه أهل الكتاب والمشركون
2 - قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} وقد كان الرجل في الجاهلية يولي من إمرأته ما يشاء.
¥