[الخروج على الاختلاف]
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[30 Mar 2008, 01:27 ص]ـ
[الخروج على الاختلاف]
تدور أبحاثي كلها حول فكرة واحدة هي إعجاز القرآن في ترتيب سور ه وآياته، والمصحف المعتمد لدي هو مصحف المدينة النبوية المتداول حاليا، وعدد آي القرآن المعتمد فيه 6236 حسب عد الكوفيين.
وفي اعتقادي أن ترتيب القرآن بسوره وآياته وكلماته وحروفه هو ترتيب توقيفي، وما كان إلا بالوحي.
وفي كل مرة أطرح موضوعا يطلع علي مستنكر أو معترض أو رافض، شاهرا سلاح الاختلاف في وجهي، اختلاف القدماء في كثير من المسائل المتعلقة بعلوم القرآن .. فما دام القدماء قد اختلفوا في ترتيب سور القرآن، فأنى لنا الخروج على هذا الاختلاف؟ وإذا كان القدماء قد اختلفوا في عدد آيات القرآن على ستة أقوال، فإن أي خروج على هذا الاختلاف خروج على الإجماع ..
الإجماع على الاختلاف ..
قد تكون هذه سنة طبيعية في الحياة، فدائما هناك فئة جاهزة لمحاربة كل جديد، لسبب أو لآخر. المهم: ماذا لديها من حجة لرفض هذا الجديد سوى أن القدماء قد اختلفوا في ترتيب سور القرآن على ثلاثة أقوال، وفي عدد آيات القرآن على ستة أقوال .. ولأن السادة العلماء مختلفون ولم يتفقوا على رأي، فكل الذي بعدهم هباء.
لا شك أن هذه الفئة تعلم أن القدماء قد اختلفوا في ترتيب سور القرآن، وفي عدد آياته، وفي عدد الآيات في سبعين سورة من سوره، وفي عدد كلماته، وفي رسمه وفي ناسخه ومنسوخه، وفي أول ما نزل وفي آخر ما نزل ... الخ. وأننا ورثنا عنهم من الآراء والأقوال المتضاربة، ما لا سبيل إلى التوفيق بينها، .. بل لقد تحولت هذه الاختلافات إلى سلاح في أيدي البعض يشهره في وجه كل جديد بحجة الخروج على الاختلاف ..
سؤالي لهذه الفئة: إذا كان القدماء قد اختلفوا، وكما تقولون هم الأقرب إلى زمن نزول القرآن، أفلا يحق لنا أن نختلف اليوم؟ أم أن هذا حق خاص بهم؟ وكيف لا نختلف وكل ما لدينا هو اجترار ما خلفوه لنا؟
لماذا يغضب أحدكم حينما أقول: إن عدد آيات القرآن هو – في اعتقادي – 6236 آية.؟ أليس هذا هو أحد أقوال القدماء أيضا؟ كيف تعايش القدماء في ظل اختلافهم؟ أليس في وسعنا أن نتعايش مثلهم وأن يتقبل كل منا الآخر؟
إن من حقنا أن نختلف وأن نورث الأجيال القادمة كل ما ورثناه دون أدنى تدخل منا ..
إذن، لسنا في حاجة أن نتفق على رأي، ولسنا في حاجة أن نتنكر لبعضنا، أنا أمثل فريقا، وبإمكان أي منكم أن يختار الفريق الذي يمثله، والعدد الذي يريده.
هناك من قال أن عدد آيات القرآن هو كذا، أو كذا. ليس هناك ما يجبرني على الأخذ بأي من هذه الأقوال، وكذلك أي واحد منكم. اختاروا العدد الذي تريدون، وأنا سأختار الذي أريد، وقد اخترت العدد 6236.
استمروا على القول أن ترتيب سور القرآن ترتيب اجتهادي، وأنا سأصر على أنه توقيفي ومن عند الله ..
وبدوري سأظهر للناس ما في ترتيب القرآن من إحكام، ومن لديه شيء أدق مما لدي فليتفضل ويقدمه. وليس من حق أحد أن يعترض على اختياري هذا، فما دام القدماء قد قالوا به، وقد تعايشوا معه قرونا طويلة، فلا مبرر إذن لرفضه اليوم؟ وإذا كان هناك من مبرر للرفض، فذلك يعني انه صالح لرفض كل الأعداد الأخرى دون استثناء؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2008, 10:41 ص]ـ
الأخ العزيز الأستاذ عبدالله جلغوم وفقه الله
منذ بدأتم الكتابة في الملتقى وأنا أتابع ما تكتبون وأحرص على قراءته وإن لم أشارك فيه، ولا شك أنكم تشكرون على هذه العناية والحرص على إفادتنا بما تتوصلون إليه من نتائج. غير أن الأمر في مخالفتكم - من وجهة نظري القاصرة - ليس لأنكم نصرتم القول بتوقيفية ترتيب السور في المصحف، ومن ثم توصلتم إلى هذه النتائج، فهناك غيرك ممن يرون توقيفية ترتيب السور ولم يذهبوا هذه المذاهب ولم يقولوا بها.
وإنما لأنكم تسلكون منهجاً غير منضبط بضوابط علمية مقنعة في نظر القارئ، وإنما تسلكون طرقاً متعرجة مثيرة فتصلون لكل نتيجة بطريقة مختلفة عن الأخرى، فمرة تجمعون ومرة تطرحون ومرة تقسمون وهكذا. وهذه الطريقة والمنهجية - مهما كانت النتائج مذهلة والنية صادقة - لا تشفع لها بالقبول عند القارئ لعدم اطمئنانه للمنهج، ومن حق القارئ على الكاتب أن يبين له المنهج الذي أوصله للنتيجة دون تكلف، وأن يقرب له ما يصعب فهمه من المسائل.
فلا تستغرب أخي العزيز أن يسألك القارئ: كيف وصلت لهذه النتيجة؟
وأنت بدورك عليك أن تحاول تبسيط الجواب لأمثالنا حتى نفهم النظرية التي تسعى لترويجها إن كنت ترى أنها تستحق كل هذا العناء والتعب، وإلا فلا تستغرب أن تثار حول كتابتك التساؤلات.
والقراء في هذا الملتقى العلمي وفي أمثاله من المواقع العلمية من المنصفين العقلاء، ذوي الاطلاع الواسع والمتابعة الجيدة للبحث العلمي ولا سيما في الدراسات القرآنية وهم لا يثيرون هذه الأسئلة حول كتابتكم لأنهم دون المستوى الذي تتوقعه، وإنما لأنهم من أهل المعرفة والاطلاع فقد أثاروا هذه الأسئلة وهذه الردود، ومن حقهم عليك أن تبين لهم بطريقة علمية معتبرة القواعدَ العلميةَ التي تسير عليها دون إحالة إلى خبرتك الطويلة أو تفرغك للأمر منذ سنوات، وسيكونون أسعد ما يكونون بشكرك والدعاء لك بالتوفيق والسداد، فإنهم يفرحون بكل علمٍ جديد يستفيدونه ويعينهم على تدبر كلام الله وفهمه.
أعانكم الله وسدد خطاكم، وجعلنا وإياكم من عباده المخلصين.
¥