[مقال للتأمل: الكفر: رحلة جديدة مع مصطلح قديم]
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[30 Apr 2008, 08:25 م]ـ
هذا بحث يستدعي التأمل وعدم التسرع في قراءته:)
الكفر: رحلة جديدة مع مصطلح قديم *
بقلم - عماد المختار المهدي
باحث ومترجم وإمام وخطيب
المصدر: إسلام أون لاين ( http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1209357134581&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout)
* أصل الموضوع رسالة للماجستير حصل عليها الباحث من كلية اللغات والترجمة، قسم اللغة الألمانية، شعبة الدراسات الإسلامية بعنوان: مصطلح الكفر معانيه وإطلاقاته دراسة تحليلية من خلال نصوص القرآن الكريم - بتاريخ 16 أبريل 2007
أول ما يلفت نظر من يريد التعرف على الإسلام هو نظرة الإسلام إلى الغير، فيبدأ بقراءة ترجمة لمعاني القرآن الكريم، ويجد تكرار لفظ "الذين كفروا" "والكافرون" "والكفار" ... إلخ، في القرآن الكريم في سياق العذاب والوعيد، والقتال أحيانًا، وهذا المصطلح الذي يترجمه كثير من المترجمين بكلمات تشير إلى غير المسلمين بصفة عامة، والتي تعكس معنى آخر غير ما يعكسه لفظ "الكفر" في اللغة العربية، فيظن بسبب الترجمات غير الدقيقة أن هذا اللفظ يصدق على كل من ليس على دين الإسلام، فلا يزيده تعرفه على الإسلام إلا بعدًا عنه ونتيجة لعدم وضوح هذا المعنى.
وبالتالي من المهم دراسة موضوع لفظ الكفر الوارد في القرآن الكريم من حيث دلالاته وإطلاقاته، من أهم الموضوعات التي كثيرًا ما تطرح في مناقشات ومجادلات، ومع اختلاف سياق كل آية قد يجد الإنسان نفسه مضطرًا بشكل ما إلى التأويل أو استنتاج بعض المعاني التي قد تكون بعيدة عن المعنى الذي أراده الله.
وتبدو الطريقة المثلى لبحث المصطلحات القرآنية أن تكون ضمن إطار يجعلها واضحة وجلية وهو ما نجده في منهجية علم التفسير الموضوعي الذي أشار إليه العالم الشيخ محمد الغزالي –رحمه الله– في كتابه التفسير الموضوعي وأشار إلى أهميته، فقال: "وهناك معنى آخر للتفسير الموضوعي لم أتعرض له، وهو تتبع المعنى الواحد في طول القرآن وعرضه، وحشده في سياق قريب، ومعالجة كثير من القضايا على هذا الأساس. وقد قدمت نماذج لهذا التفسير في كتابي (المحاور الخمسة للقرآن الكريم) و (نظرات في القرآن) ولا ريب أن الدراسات القرآنية تحتاج إلى هذا النسق الآخر، بل يرى البعض أن المستقبل لها! " [1]
* سيرة مصطلح الكفر عند العرب وفي القرآن
والمتأمل في معنى مادة "كفر" في الشعر الجاهلي والمعاجم العربية، يجد معنى هذا المصطلح يدور حول معنى عام واحد تتفرع منه معان وفروع تنتمي كلها إلى الأصل الواحد والشجرة الواحدة، فتجده مثلا يدور حول التغطية فيقال "كفر الشيء وكفّره: غطّاه، يقال: كفر السحاب السماء ... وكفر الليل بظلامه، وليل كافر ... وكفرت الريح الرّسم، وكفر الفلاّح الحبّ، ومنه قيل للزرّاع: الكفار" [2].
والقرآن الكريم استخدم لفظ الكفر وما يشتق منه في معان متعددة تخرج كلها من أصل واحد وتنبت من فرع التغطية، فمن استخدام اللفظ للزارع جريًا على استخدام العرب له، فقد كان يقال للزارع "كافر" لأنه يضع الحب في الأرض ويغطي عليه: "اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" [الحديد: 20].
ويأتي هذا اللفظ ليعني التبرؤ من شخص أو من عمله ومناصرته، وإلغاء الصلة أو الولاية بينه وبينه، قال تعالى: "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [إبراهيم: 22]، ويرد هذا اللفظ ليعبر عن
¥