تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مشروع النهضة و ادراك الثوابت]

ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[23 May 2008, 09:19 ص]ـ

مشروع النهضة وأهمية إدراك الثوابت

http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=13762&issueNo=150&secId=23

2008-05-22

أحمد خيري العمري*

فكرة النهضة التي تركناها في الحاضنة التاريخية، في كهف الكمون، انتظرت فترة طويلة حتى تمكنت من الخروج لمواجهة الواقع، وبعد الخروج من الكهف، يأخذنا السياق إلى طور الاستحالة الثاني، إلى صاحب الجنتين، وصاحبه، وذلك الحوار الذي تجاوز كل السياقات التاريخية، ليكون صالحاً لكل زمان ومكان {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (*) كِلْتا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (*) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (*) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أبداً (*) وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (*) قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً (*) لَكِنّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (*) وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (*) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (*) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (*) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (*) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً}. سنلاحظ هنا أنهما «رجلان» هنا، الرجل المؤمن، والرجل الكافر، أي إن الإيمان لم يعد ممثلاً بفتية تمردوا على مكرسات مجتمعهم، ولجؤوا إلى «كهف» ليكمن إيمانهم هناك – بل صار ممثلاً في «رجل» مؤمن، وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الإيمان هنا تجاوز مرحلة المشاعر التي قد تغلب عليها العاطفة والحماس، ليصل إلى مرحلة أكثر نضجاً تحتوي هذه المشاعر، ولكن تضم أيضاً أبعاداً أخرى، تجعلها أكثر قوة، وتمكناً.

فلنلاحظ هنا أيضاً، أن طور الاستحالة الثاني، الأكثر قوة وتمكناً، صار ممثلاً في فرد واحد، وليس في مجموعة أفراد كما في الطور الأول، ولا يمكن أن يكون هذا قد حصل مصادفةً، لقد قلَّ «العدد» الممثل للطور الثاني، لكن القوة ازدادت، وهذا ينفي فوراً فكرتنا التقليدية عن «الكم»، لصالح «النوع»، فـ «الرجل» الذي مثل فكرة الإيمان والنهضة هنا، كان من «نوع» مرتفع جداً، بحيث إن ذلك «عوَّض» عن قلة العدد .. لم يكن الرجل هنا مجرد فرد عادي، مجرد مؤمن آخر، بل كان «رجلاً» حمل مسؤولية الحوار مع الفكرة المضادة، لم يهرب من مواجهتها، ولم يذوب فيها وفي انتصارها، كان رجلاً واحداً هنا، لكنه كان يملك أرضية «الفكر» المستعد للصمود بوجه الفكر الآخر ..

فلننتبه هنا، إن السياق القرآني لا يضع الرجل المؤمن في موضع «الداعية» مع الرجل الكافر، فليسَ هو من بادر إلى الحوار، ولكن الرجل الآخر، صاحب الجنتين، هو الذي ابتدأ {وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً}.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير