تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَصَايَا نفيسه لِطَالبِ العِلْمِ للإمام النووي - رحمه الله -

ـ[جمال القرش]ــــــــ[28 Jun 2008, 06:49 م]ـ

وَصَايَا نفيسه لِطَالبِ العِلْمِ للإمام النووي - رحمه الله - من كتاب التبيان

1 - أن يطهر قلبه من الأدناس

قَالَ الإِمَامُ النَّووي رَحِمَهُ اللهُ: وأن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القُرْءان وحفظه واستثماره.

عن النعمان بن بشير ? قال: قال ?: …أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ " متفق عليه، البخاري/52، مسلم/1599.

2 - أن ينظر إلى معلمه بعين الاحترام

وقال رَحِمَهُ اللهُ: وعليه أن ينظُرَ إلى مُعَلِّمِه بعين الاحترام، ويعتقدَ كمالَ أهليتِه ورُجحانه على طبقته، فإنه أقرب إلى انتفاعه به.

كان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال: اللهم استر عيبَ مُعلِّمي عني، ولا تُذْهِبْ بركةَ عِلْمِه مني.

وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبة له (2).

وعن علي بنِ أبي طالبٍ ? قال: من حق العالمِ عليك أن تُسلِّمَ على الناسِ عَامة، وتَخُصُّه دُونَهم بالتَّحية، وأن تَجلِسَ أَمَامه، ولا تشِيرَنَّ عنده بيدك، ولا تَغْمِزَنَّ

بعينك، ولا تَقُولَنَّ فلانًا قال خلافًا لقوله، ولا تَغْتَابنَّ عنده أحدًا.

ولا تشاوِرْ جَليسَك في مجلسه، ولا تأخذْ بثوبه إذا قام، ولا تلحَّ عليه إذا كَسل، ولا تُعْرِض، أي تَشْبع مِن طُولِ صُحبَتِه.

3 - أن يتواضَعَ لمعلِّمِه، ويتأدبَ مَعهُ وإنْ كانَ أصغرَ مِنه

وقال رَحِمَهُ اللهُ: وينبغي أن يتواضع للعلمِ فبتواضُعِه يدركْه وقد قالوا:

العِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتَى اِلْمُتَعَالِي كَالسَّيلِ حَرْبٌ لِلْمَكَانِ الْعَالِي.

وينبغي أن ينقادَ لمعلِّمِه، ويشاورَه في أمُوره ويَقْبلَ قَولَه، كالمريض العاقلِ يَقبلُ قولَ الطبيبِ الناصحِ الحاذق، وهذا أولى.

4 - أن يُهيئ نفسَه لطلبِ العلمِ

وقال رَحِمَهُ اللهُ: وليَدْخُل على شيخهِ كاملَ الخِصال، متطهرًا، مستعملاً للسواك (1)، فارغَ القلب من الأمور الشاغلة، وألا يَدخُلَ بغير استئذان إذا كانَ الشيخُ في مكانٍ يحتاج فيه إلى استئذان، وأن يُسلِّمَ على الحاضرين ويَخُصَّه دونهم بالتحية، ولا يتخطى رِقابَ الناسِ بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذنَ له الشيخ في التقدم

أو يعلم من حالهم إيثار ذ لك (2)، ولا يُقيم أحدًا من مَوضعه، ولا يجلس في وسط الحَلْقَة إلا لضرورة، ولا يَجلس بين صاحبين إلا بإذنهما فإنْ فسحا له قعد وضمَّ نفسه.

5 - أن يَجلسَ بين يدي شيخِه بوقار

وقال رَحِمَهُ اللهُ: وينبغي أن يقعد بينَ يدَي الشيخِ قِعدةَ المُتَعَلِّمين (1) لا قِعدةَ المُعَلِّمينَ وأن لا يرفع صوتَه رفعًا بليغًا، ولا يضحك، ولا يُكثرِ الكلامَ مِن غيرِ حاجة، وألا يَعْبثَ بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شِمالاً مِن غير حاجة، بل يكون متوجهًا للشيخ، مصغيًا إلى كلامه.

6 - أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل

وقال رَحِمَهُ اللهُ: وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد (2) في التحصيلِ في وقت الفراغِ والنشاط، وقوةِ البدنِ، ونباهةِ الخاطرِ، وقلةِ الشاغلات قبلَ عوارضَ البطالة، وارتفاع المنزلة (3)، فقد قال أميرُ المؤمنين عمرُ بنُ الخطاب ?: " تفقَّهوا قبلَ أنْ تسُودوا " معناه اجتهدوا في كمالِ أهليتكم وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة، فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلُّمِ لارتفاع منزلتِكم وكثرةِ شُغلكم، وهذا معنى قولِ الشافعي رَحِمَهُ اللهُ: تفقَّهْ قبلَ أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه.

7 - أن يكون حريصًا على التعلم

وقال رَحِمَهُ اللهُ: ومن آدابه المتأكَّدَة أن يكونَ حريصًا على التعلُّم مُواظبًا عليه في جميع الأوقاتِ التي يتمكن منه فيها، ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير.

ولا يُحَمِّلْ نفسَه ما لا تطيق (1) مخافة من المَلَل، وضَيَاع ما حصَّل، وإذا حَضَر إلى مَجْلس الشيخ فلم يجده انتظره ولازمَ بابَه، وإذا وَجَد الشيخَ نائمًا أو مشتغلاً بمهمٍّ لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه وفراغه أو ينصرف، والصبر أولى.

8 - أن يتحينَ الوقتَ المناسبَ لقراءته على شَيخه

وقال رَحِمَهُ اللهُ: ومما يتأكد الاعتناءُ به ألا يقرأَ على الشيخ في حالِ شُغل قَلب الشيخ، ومَلَلِه، واستنفاره، ورَوْعِه، وَغَمِّه وَفَرَحه، وَجُوعِه وَعَطَشِه، وَنُعَاسِه، وقلقه، ونحو ذلك مما يشُقُّ عليه ويمنعه من كمالِ حضورِ القلب والنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.

9 - أن يصبرَ على شيخهِ ويتحمَّلَ جَفاءه

وقال رَحِمَهُ اللهُ: ومن آدابه أن يتحملَ جَفْوَةَ الشيخ، ولا يصده ذلك عن ملازمته، واعتقاد كماله، ويتأول لأقواله وأفعاله التي ظاهرُها الفساد تأويلات صحيحة، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عَديمه، وإذا جَفاه الشيخُ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ، وأظهرَ أن الذنب له، والعتْب عليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة، وأنقى لقلب الشيخ، وقد قالوا: من لم يصبرْ على ذُلِّ التعلُّم بقي عُمُرَه في عَمَاية الجهالة، ومَن صَبر عليه آل أمرُه إلى عزِّ الآخرةِ والدنيا، وقد أحسن من قال:

مَنْ لَمْ يَذُقْ طَعْمَ المَذَلَّة سَاعَةً قَطَعَ الزَّمانَ بِأَسْرِه مَذْلُولاً

أصل الاختصار من كتاب زاد المقرئين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير