[سورة العاديات! منظور جديد!]
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[10 May 2008, 11:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يشغب كثيرا من أعداء الدين على القرآن بخصوص مسألة البيان فيرون أن القرآن يحتوي كثيرا من السور الغامضة التي لا يفهمها حتى مشائخ الإسلام أنفسهم , وبداهة لا يعرف لها العوام مغزى أو مرادا! ويضربون على ذلك بعض الأمثلة , وتأتي على رأس هذه الأمثلة سورة العاديات , حيث أنها تمثل النموذج المفضل لهؤلاء المشغبين من شباب الإنترنت فأصبحت مضرب الأمثال ونموذجا للتحدي , فيسأل هؤلاء: ما هو وجه البلاغة والإعجاز في هذه السورة وما هو معناها أصلا؟
والحق يقال أن السورة تحتوي فعلا كلمتين لم نعد نستعملها هذه الأيام ولم نعد ندرك معناهما بسهولة إلا إذا رجعنا إلى المعاجم وهما " الضبح و الكند " وما عدا ذلك فهو من المعروف المتداول ولكن المشكلة أن السادة المفسرين شغبوا على المعاني المتباردة إلى الذهن! ولكن هل يعني هذا أن السورة غامضة أو لا تحتوي أوجها بلاغية عظيمة؟ بداهة هم في هذا واهمون لأنهم ما تدبروا السورة وما نظروا فيها حق النظر , لذا فسنقوم متكلين على الله بالتعرض لهذه السورة لنستخرج لك عزيزي القارئ أوجها بلاغية عظيمة معان إعجازية جليلة وتقسيمات عجيبة لم تخطر على بال هؤلاء الشباب الأغرار, كما أننا سنقدم فهما جديدا في مسألة العاديات الموريات المغيرات المثيرات وحجتنا في هذا أنه لم يأت حديث صحيح مرفوع إلى النبي الكريم في معنى هذه الألفاظ , كما أن الصحابة أنفسهم والتابعون لم يجزموا فيها بمعنى , كما أن كل التفسيرات الواردة فيها لا تتطابق تمام التطابق مع النص القرآني , لذلك احتار المفسرون أيما حيرة في هذه السورة , فتراهم يعرضون الأقوال ولا يستطيعون أن يجزموا فيها بشيء! لذا فإننا عندما نقدم الجديد لا نكون قد خالفنا إجماعا أو رأيا محتما وإنما نقدم فهما جديدا للنصوص يتطابق مع الألفاظ الواردة في السورة ويجعل السورة كلها وحدة واحدة ذات معنى عظيم.
وعلى عكس المألوف في تعاملنا مع سور القرآن فإنا سنقوم بتقديم التقسيم البلاغي للسورة قبل تعرضنا لها , ونقدم كذلك بعض الأوجه البلاغية ثم نبدأ في التعليق على السورة الكريمة:
نلاحظ أن مبنى هذه السورة الكريمة كلها قائم على الحدث الفردي والتتابع الثنائي له! وننظر في السورة الكريمة لنر بأعيننا:
فإذا نحن نظرنا في أول السورة وجدنا أن الله تعالى يقسم ب " العاديات ضبحا " فهذا مقسم به فردي , ثم بعد ذلك يأتي وصف تابع لهذا المقسم به وهذا الوصف وصف ثنائي (موريات قدحا , مغيرات صبحا) , ثم يأتي بعد ذلك توصيف بالفعل لهذا المقسم به وهو توصيف ثنائي كذلك (أثرن به نقعا , وسطن به جمعا) , ثم يأتي بعد ذلك المقسم عليه , فالله أقسم بالعاديات الموصوفة وصفا ثنائيا مثنى (وصف بالاسم وبالفعل!) والمقسم عليه قوله تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " , ونجد كذلك أن التتابع الثنائي يصدق في جواب القسم , فنجد أن الجواب جوابان وهما قوله تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " وكذلك " إن ربهم بهم يومئذ لخبير ".
فإذا نحن نظرنا في المقسم عليه وجدنا أن ما يصدق على المقسم به يصدق كذلك في المقسم عليه! فسنجد أن المقسم عليه وهو " إن الإنسان لربه لكنود " موصوف بوصف ثنائي بقوله " وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد " ثم بعد ذلك تعلق بجملتين فعليتين وهما قوله تعالى " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور ". فانظر أخي في الله إلى هذا التقسيم العجيب:
آية يتعلق بها آيتين اسميتين وآيتين فعليتين ثم يتعلق بها إثنان من المقسم عليهما! ثم نأتي إلى المقسم عليه الأول فنجد أنه كذلك موصوف بجملتين اسميتين ومتعلق به جملتان فعليتان!
فإذا نجن عرضنا لبعض الأوجه البلاغية في السورة نجد التالي:
تقارب بين الضبح والصبح! وبين العاديات والموريات!
سجع بين " ضبحا و قدحا و صبحا "
سجع بين قوله تعالى " نقعا و جمعا " وقوله " كنود و شهيد و شديد " وكذلك قوله " القبور و الصدور و خبير "
" فأثرن به " وفي الآية التالية " فوسطن به "
تقابل بين البعثرة والتحصيل " بعثر ما " و " حصل ما "
وبعد هذا العرض السريع للتقسيم البديع لهذه السورة الكريمة نبدأ الآن في التعامل مع هذه السورة:
¥