ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[02 Apr 2008, 05:52 م]ـ
الحلقة الثالثة:
حول الاّية الحادية والثلاثين من سورة النساء وكلام عن تعريف الكبيرة
قوله - عز وجل -: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " إلى اّخر الاّية.
ما الكبائر وما الصغائر؟ وكم المتفق عليه من الكبائر وما الفرق بين الصغائر والكبائر؟ وهل تحتاج الصغائر إلى توبة أم لا؟ وهل تذهب الصغائر بالصلوات كما جاء في الحديث؟ أم لا بد من ذلك من التوبة وإن احتاجت فما الفرق بينها وبين الكبائر؟ وبماذا يعد المصر على الصغيرة مصرًا؟ بفعل الصغيرة مرة واحدة أم مرارًا أم بالعزم والنية؟ فإن قلنا بالفعل مرارًا فما عدد تلك المرات؟
أجاب - رضي الله عنه -: قد اختلف الناس في الصغائر والكبائر في وجوه.
(والذين أثبتوا الفرق وهم الجماهير) اضطربت أقوالهم في تحديد الكبائر وتعديدها.
وقد قلت في ذلك قولًا رجوت أنه صواب وهو أن الكبيرة ذنب كبير وعظم عظمًا يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبير، ووصف بكونه عظيمًا يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبير ووصف بكونه عظيمًا على الإطلاق ..
فهذا فاصل لها عن الصغيرة التي وإن كانت كبيرة بالإضافة إلى ما دونها فليست كبيرة يطلق عليها الوصف بالكبر والعظم إطلاقًا، ثم إن لكبر الكبيرة وعظمها أمارات معروفة بها منها:
1 - (الترقيم من عندي) إيجاب الحد.
2 - ومنها ألا يعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب والسنة.
3 - ومنها وصف فاعلها بالفسق نصًا.
4 - ومنها اللعن كما في قوله: (لعن الله من غير منار الأرض).
في أشباه لذلك لا نحصيها، وعند هذا يعلم أن عدد الكبائر غير محصور والله أعلم.
والصغائر قد تمحى من غير توبة بالصلوات وغيرها كما جاء به الكتاب والسنة، وذلك أن فاعل الصغيرة لو أتبعها حسنة أو حسنات وهو غافل عن التندم والعزم على عدم العود المشترطين في صحة التوبة لكان ذلك ماحيًا لصغيرته ومكفرًا لها كما ورد به النص وإن لم توجد منه التوبة لعدم ركنها لا لتلبسه بأضدادها، والمصر على الصغيرة من تلبس من أضداد التوبة باستمرار العزم على المعاودة أو باستدامة الفعل بحيث يدخل به ذنبه في حيز ما يطلق عليه الوصف بصيرورته كبيرًا وعظيمًا، وليس لزمان ذلك وعدده حصر، والله أعلم.