تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[يسري خضر]ــــــــ[30 Jun 2008, 07:20 م]ـ

تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي-رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- استفساراً من أحد القراء يقول فيه: سماحة الشيخ الفاضل كثيرا ما يخوض بعض الدعاة وشباب الصحوة فيما عرف بـ (آيات الصفات) حتى أصبحت هذه المسائل مطروحة بين عوام الناس، والجماهير الغافلة منهم، وكثيرا ما تثير هذه المسائل لهم نوعا من البلبلة الفكرية، والتشويش الذهني، فما هو المنهج العلمي الذي يمكن من خلاله عرض مثل هذه المسائل على العوام من الناس.

وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد:

هنا نقطة لها أهمية كبيرة في باب الصفات الخبرية التي دارت حولها المعركة الجدلية الحامية: بين السلف والخلف، أو بين الأثريين والمتكلمين، أو بين المفوضين والمؤولين، أو بين المثبتين والمؤولين، وهي قضية العوام والجماهير الغافلة من الناس، الذين لا شأن لهم بالحرب الدائرة بين المتجادلين والمتخاصمين في الأسماء والصفات.

فأيهما أفضل وأولى في حقهم وفي حفظ عقيدتهم وتثبيتها؟

أهو التأويل – كما يقول الأشاعرة والماتريدية - حتى لا يشبِّهوا الله تعالى بخلقه؟

أم الأولى هو إثبات صفات الله تعالى له سبحانه، كما وردت في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ليستقر تعظيم الله تعالى في قلب كل مسلم؟

الحرص على أمور أربعة:

والذي أوثره وأرجحه هنا أن نعتصم بأمور أربعة:

1 - أن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله، فنصفه بما وصف به نفسه، وما تمدح لنا به، وأراد أن يعرفنا به من أوصافه أو أفعاله، ولا نخاف من إطلاقها مادام القرآن قد أطلقها، والرسول قد ذكرها، فلسنا أغير على ربنا منه عز وجل، ولا أغير عليه من رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أحرص على التقديس والتنزيه لله جل شأنه منهما.

2 - ألا نزيد من عند أنفسنا على ما وصف به نفسه، أو نغير عبارة القرآن أو السنة بعبارة من عندنا، فهذا قد يدخلنا في مأزِق، أو يوقعنا في مزلق، تزل به أقدامنا. وإنما نلتزم العبارات الشرعية كما وردت، فإذا قال تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54] لا نقول: هو فوق العرش، فهذه غير عبارة القرآن. وإذا قال: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد:4]. لا نقول: هو معكم بذاته، لأن هذا تزيّد على النص، ومثل ذلك حديث: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" [1] لا نقول: ينزل بذاته وكذلك قربه منا، ونحو ذلك.

3 - ألا نجمع هذه الصفات أو الأفعال الموهمة لمشابهة الخلق في نسق واحد، أو في سياق واحد، بل نوردها كما أوردها القرآن، وكما أوردتها السنة في مناسباتها، وفي سياقاتها المختلفة.

فلا نقول مثلا: إن لله تعالى وجها وصورة، وعيناً أعينا، ويدا أو يدين، وأصابع، وكفا وأنامل، وساعدا وذراعا، وقدما أو رجلا، وساقا وجنبا، ونفسا وروحا وحِقوا…إلخ. فإن هذا التجميع بهذا النسق يوحي أنه جسم مركب من أعضاء، ويساعد المخيلة في رسم صورة له، تختلف من شخص إلى آخر. وهو تخيل ليس بصحيح.

ولكن الواجب هنا: أن نورد هذه الأوصاف مفرقة، عندما نذكر الآيات الكريمة أو الأحاديث الصحيحة التي تشتمل عليها. فلا يكون لها ذلك الإيحاء السلبي الموهِم في الأنفس والعقول.

ومن المؤكد: أن الصحابة لم يؤمنوا بهذه الصفات على هذا النحو، ولم يلقنوها بعضهم لبعض على هذا النهج، بل ربما عاش بعضهم ومات، ولم يسمع ببعض هذه الأحاديث التي رواها آحاد منهم، ولم تجمع إلا بعدهم.

4 - أن نؤكد أبدا ما دلت عليه النصوص القاطعة، وأجمعت عليه الأمة بكل طوائفها ومدارسها: سلفيين وخلفيين، من تنزيهه – جل ثناؤه - عن مشابهة شيء من خلقه بحال من الأحوال، فهو سبحانه (أحد) في ذاته، أحد في صفاته، أحد في أفعاله {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:3 - 4] {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] وهذه نكرة في سياق النفي تعم جميع الأشياء في السماوات أو في الأرض، فهو لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء.

ابن الجوزي يحث على أهمية الإثبات للعوام:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير