(4) إن كتب المتأخرين قد وجدت فيها زيادة عن كتب الأقدمين، وذلك لأن المتأخرين قد زادوا وجوها رأوا في اللفظ احتمالاً لها، وقد أشار ابن الجوزي إلى ذلك، حيث قال:"وزدت فيها من التفاسير المنقولة ما لا بأس به، وقد تساهلت في ذكر كلمات نقلتها عن المفسرين ... ".
وعلى هذا فإن غالب النظر، والبحث، والدراسة، إنما تجري في هذه الزيادات.
أما ما اتفق عليه، فقل أن تجد فيه بحثاً، اللهم عند الاختلاف في الاستشهاد في بعض الآيات التي احتملت وجهاً آخر عند باحث آخر.
ومن أصحاب الوجوه والنظائر من زاد الألفاظ معان أخرى لا يحتملها اللفظ، حيث أسهب في بعض وجوه هذه الألفاظ عن حد يخرجه عن المألوف، من ذلك ما ورد في (كشف السرائر) لابن العماد، في تفسير لفظ (الشرك) و (المشي) و (الخزي).
(5) من خلال بحثي في المؤلفات ومؤلفيها، وجدت مشكلات ومعضلات:
منها: ما وجدت مؤلفه، ولكن لم نجد مؤِلفه، كما هو الحال في أحمد بن فارس الرازي، فقد صحت نسبة كتاب "الأفراد" إليه كما أشرنا في موضعه.
ومنها: ما وجدته منسوباً إلى مؤَلفه، ولكن لم أعرف من هو على وجه التعيين.
ومنها: ما وجدته مخطوطاً، ووجدت نسبة خاطئه إلى مُؤلف، كما هو الحال في كتاب "الأشباه والنظائر" للثعالبي، وحققت هذا الأمر جهد الطاقة، وأثبت الحقيقة في موضعها.
ولقد استرعت هذه الظاهرة انتباهي كثيراً في بداية البحث، ألا وهي كثرة متابعة الثعالبي لابن الجوزي، حيث كنت أقول في الوجوه الزائدة (قال ابن الجوزي وتابعه الثعالبي)، ثم وجدت أن هذه المتابعة لم تكن محض صدفة، ولا تشابه في طريقة التفكير بينهما، وإنما الأقرب للحق، أن تكون تلك الموافقة في النقل، وأن الكتابين هما لابن الجوزي، ولكن المخطوطتين للكتابين لناسخين مختلفين، ولا يعقل بحال من الأحوال أن يكون الاتفاق في النقل حتى في الزيادة والخطأ، فإن اتفاق الحق والصواب أمر ممكن، أما الاتفاق في نقل الوجوه الغريبة ليس له من التفسير إلا اتفاق المنبع للوجه الغريب، ولعل أحدهما نقل من الآخر، ولم يشر إلى المرجع.
بعد هذا كله .. يكون قد ظهر لنا ضرورة هذا البحث وأهميته العلمية، كيف لا وهو في علم التفسير، وكفى به رفعة شأن، بل هو أعم من ذلك، فإن الأصولي والفقيه المخرج للأحكام من نصوص القرآن يحتاج إليه، إذ لا يخفى على أحد أن معرفة لفظ من ألفاظ الآية يتوقف عليه معرفة المراد منها.
وقد تبين من البحث أن اللفظ الواحد قد يحتمل أكثر من معنى، لاختلاف وضعه بالنسبة لما اقترن به من ألفاظ، أو لازمه من سبب أو المناسبة، أضف إلى ذلك ما يستفيده الأديب من هذا الأسلوب الأدبي الرفيع في فصاحته وبلاغته التي كانت من أهم دلائل إعجاز القرآن، والدالة على صدق صاحب الرسالة.
وما زال هذا البحث يحتاج إلى استكمال الألفاظ بصورة أشمل، وفي بحث مطول، وأرى أن يكون البحث فيه باسم (الموسوعة القرآنية في الوجوه والنظائر القرآنية).
وأن يوضع كل لفظ من الألفاظ القرآنية المحتمل لأكثر من معنى، وأن يرتب ترتيباً هجائياً ليسهل على القارئ الرجوع إليه، ثم تذكر أقوال أئمة المفسرين في معنى هذا اللفظ، مع ترجيح الأقوال المحتملة، ورد ما لا يحتمل منها.
وأسأل الله أن يعينني على ذلك فيما أستقبله من أيام، فإن الكتاب بداية الطريق وليس نهايته.
هذا ما وفقني الله إليه، أسأل الله أن ينفع به، وأن يغفر لي ما أخطأت فيه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على معلمنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وهاكم رابط مصدر المعلومات أعلاه:
http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=136&Sch_ID=205
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[المؤمن]ــــــــ[16 Jul 2008, 09:24 م]ـ
سلام عليكم
من الكتب المفيدة في هذا الموضوع، (الوجوه والنظائر في القرآن الكريم) للأخت سلوى محمد العوّا بنت الأستاذ الكريم سليم العوّا؛ وأصل الكتاب رسالة ماجستير بتقدير ممتاز، وهوبحقّ بحث ذو قيمة علمية شهدت به الأستاذة المرحومة بنت الشاطئ.
وأنا بدوري أؤكد على هذا، فبإمكان الباحثين في هذا الجال أن يفيدوا منه.
أخوكم النذير الجزائري،أستاذ التفسير.
والّسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[22 Oct 2008, 02:50 م]ـ
كتاب الاستاذه سلوى العوا هل هو مطبوع واين لو تكرمتم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Oct 2008, 03:50 م]ـ
كتاب الاستاذه سلوى العوا هل هو مطبوع واين لو تكرمتم
نعم. طبعته دار الشروق بالقاهرة.