v " إني لأعجب ممن يقرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذّ بقراءته! " (ابن جرير الطبري، معجم الأدباء، 18/ 63)
v " المطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به، فإن لم تكن هذه همّة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين" (شيخ الاسلام ابن تيمية، الفتاوى، 23/ 54)
v " يا ابن آدم، كيف يرقّ قلبك وإنما همّتك في آخر السورة؟! " (الحسن البصري، مختصر قيام الليل للمروزي، ص 150)
v " إذا مرّ – متدبر القرآن – بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكّر وتفهّم خير من قراءة ختمة بغير تدبّر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن" (ابن القيّم، مفتاح دار السعادة، ص 221)
معنى التدبر في اللغة:
هو النظر في عاقبة الأمر والتفكّر فيه. وتدبر الكلام: النظر في أوله وآخره ثم إعادة النظر مرة بعد مرة ولهذا جاء على وزن التفعّل كالتجرّع والتفهّم والتبيّن، ولذلك قيل إنه مشتق من النظر في أدبار الأمور وهي أواخرها وعواقبها. ومنه تدبر القول كما في قوله تعالى (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) المؤمنون).
معنى تدبّر القرآن:
هو تفهّم معاني ألفاظه والتفكر فيما تدل عليه آياته مطابقة، وما دخل في ضمنها وما لا تتم تلك المعاني إلا به، مما لم يعرج اللفظ على ذكره من الإشارات والتنبيهات وانتفاع القلب بذلك بخشوعه عند مواعظه وخضوعه لأوامره وأخذ العبرة منه.
قال الطبري رحمه الله في قوله تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) ص) ليتدبروا حجج الله التي فيه وما شرع الله فيم من الشرائع فيتعظوا ويعملوا به.
وقال أبو بكر ابن طاهر: تدبر في لطائف خطابه وطالب نفسك بالقيام بأحكامه وقلبك بفهم معانيه وسرك بالاقبال عليه.
ويقول الهروي رحمه الله: أبنية الذكر ثلاثة: الانتفاع بالعِظة والاستبصار بالعبرة والظفر بثمرة الفكرة.
ويُستفاد من كلام العلماء في معنى التدبر أن التدبر في القرآن يشمل الأمور التالية:
معرفة معاني الألفاظ وما يُراد بها.
تأمل ما تدل عليه الآية أو الآيات مما يفهم من السياق أو تركيب الجمل.
اعتبار العقل بحججه وتحرك القلب ببشائره وزواجره.
الخضوع لأوامره واليقين بأخباره.
معاني المفردات المتعلقة بالتدبر:
وهي معان متقاربة تجتمع في شيء وتفترق في آخر منها المفردات التالية:
الفهم: هو العلم بمعنى الكلام.
الفقه: هو العلم بمقتضى الكلام على تأمله ولهذا تقول: تفقّه ما أقول أي تأمله لتعرفه.
البصيرة: تكامل العلم.
الفكر: هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة.
التفكّر: استعمال الفكرة في ذلك وإحضارها عنده.
التذّكر: من الذكر وهو ضد النسيان وهو حضور صورة المذكور العلمية في القلب واختير له بناء (التفعّل) لحصوله بعد مهلة وتدرج كالتبصّر والتفهّم والتعلّم وهو إحضار العلم الذي يجب مراعاته بعد ذهوله وغيبته عنه، ومنه قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) الأعراف).
فالتذكر يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت ولا ينمحي فيذهب أثره من القلب، والتفكّر يفيد تكثير العلم واستجلاب ما ليس حاصلاً عند القلب فالتفكّر يحصله والتذكر يحفظه وكل من التذكر والتفكر له فائدة غير فائدة الآخر.
التأمل: مراجعة للنظر كرة بعد كرة حتى يتجلى له وينكشف لقلبه وتحديق ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تدبره وتعقله.
الاعتبار: وهو من العبور لأنه يعبر منه إلى غيره فيعبر من ذلك الذي فكر فيه إلى معرفة ثالثة ولهذا يسمّى (عِبرة): وهي على بناء الحالات كالجِلسة والقِتلة إيذاناً بأن هذا العمل قد صار حالاً لصاحبه يعبر منه إلى المقصود به. قال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) النازعات) وقال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) آل عمران).
الاستبصار: وهو استفعال من التبصّر وهو تبيّن الأمر وانكشافه وتجلّيه للبصيرة.
فهرس الموضوعات
v أهمية تدبر القرآن:
1. بركة القرآن
2. حاجة القلب إلى تدبر القرآن
¥