تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأنا لستُ غضباناً أستاذنا الفاضل , وما دمت -سلمك الله- قلت في آخر المطاف سنصل إلى أحد الآراء فنحن متفقان إذاً على أنْ لا جديد ولا نتيجةَ منطقيةً - أورثنا إياها محضُ العقل - فيما توصلنا إليه وهذا هو الحاصلُ اليوم والحمد لله.

إذاً كان الأولى أن نقول أعلاه أنّ الراجح هو كذا وكذا بدليل كذا , دون الدعوة إلى ترك ترديد ما قاله الأوائلُ , لأنّ ترجيح أحد الأقوالِ ليس إلا ترديداً وتشبثاً ببعض ما قالوه ويسعنا ما وسع الأولين والحمد لله رب العالمين.

وبالنسبة للأسئلة التي قلت فيها:

ثلاثة آراء في البسملة، وتريدني أن آخذ بها كلها وبنفس الدرجة؟

كيف يمكنك أن تقنع الآخرين بأن الآراء الثلاثة صحيحة؟

كيف يمكن أن تكون البسملة آية، وفي نفس الوقت ليست آية؟ الشيء ونقيضه. أليس هذا تضاربا في الرأي؟ وتقول لي أن الصحابة كانوا على ذلك؟ أمعقول هذا؟

فأقول:

لا أريدك أن تأخذ بها كلها وبنفس الدرجة , لكني أريدك في مسألة كونها آية تبطل صلاةُ تاركها في الفاتحة أن تنظر إلى أدلة جاعليها آيةً من الفاتحة وأدلة غيرهم ممن لا يراها آيةً ولا شيء على من ترك القراءة بها عمداً أو سهواً وتأخذ بما ترجح لديك عندئذ.

وبالنسبة لجانب القراءة ينبغي أن تتبع الرواية التي تقرأ بها وتعلم يقيناً أنّ إثبات ذلك الراوي الذي تقرأ له أو نفيه للبسملة في روايته جاء متواتراً متصلَ السند إلى منتهاه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولا إشكالَ أن تقرأ لابن كثير وأنت تعتقدها آيةً ثمّ تقرأ لابن عامرٍ وتعتقدها ليست بآية , كما ساغ لك أن تعتقد جواز حذف حرفين في قراءة (تجري تحتَها الأنهار) وزيادتهما في قراءة (تجري من تحتها الأنهار) فكيف ارتضيتَ التسليم بالقرائتين واعتقاد صحتهما بنفس الدرجة , واقتنعتَ وأقنعْت غيرك بأنّ كل ذلك صحيحٌ ثابتٌ من عند الله تعالى.

مع العلم أنّ المعترضَ على القراءات إذا اعتمد إعمال العقل المجرد دون العلم المؤصَّل فلن يجد حرجاً في تسمية هذا الخلاف - المُجمَع على صحته واعتقاد تواتره - تضارباً وتحريفاً وشيئا غير معقولٍ أبداً , إذ كيف نسلم مرةً أنّ حرف (من) من القرآن , ونسلم أخرى أنه ليس من القرآن , ونفعل ذلك في قوله (فإن الله الغني الحميد) ونضيف له الضمير (هو) ونحن معتقدين صحة الجميع وتواتره.

ولا يلزم أستاذنا الكريم من خلاف الصحابة في المسألة أن نتوصل إلى نتيجة تفيد بأن حبر الأمة وترجمان القرآن كان يجهل هل البسملة آية أو غير آية , أو أنّ ديوان السنة وحافظها أبا هريرة رضي الله عنه مع استيعابه للدين ونقله حكَمَه وأحكامَه عجز عن اليقين بأنها آية أو ليست بآية.

ونظائر هذه المسألة (إثباتاً ونفياً) في الفقه والتفسير وغيرهما لا تحصر بعدد.

فلم يكن أحدهم في شك من ذلك كما قلتُ سابقاً , فمن عدَّها آيةً فهو على بينة من أمره يبنيها على ما حفظ ووعى وشاهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومن لم يثبتها فهو كذلك على بينة من أمره يبنيها على ما حفظ ووعى وشاهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا عجب من إثبات مصحف المدينة لها ,فالمثبت لها فيه لم يكن ينظر لها نظرتنا نحن الموحية لنا بأنّ هذا تناقضٌ وتضاربٌ , بل أثبتها معتقداً أنها آيةٌ من كتاب الله تعالى تواتر الخبرُ عنده بذلك , ولا يرِدُ عليه قولكم (إذا لم تكن البسملة آية، فماذا تكون؟ ولماذا اعتبرت في مصحف المدينة الآية رقم 1؟ إذا لم نكن متأكدين من أنها آية؟ فلماذا نثبتها في طبعات المصحف؟)

فما أثبتت إلا بيقينٍ تامٍ أنها آية.

كما لا يلزمُ من الخلاف أيها الأستاذ الفاضلُ:

أن نرى - إذا كانت البسملة آية - من لا يعتبرها آيةً قد أنقص آية من القرآن , ونرى - إذا لم تكن آية - من يعتبرها آيةً زاد آية في القرآن.

لأنّ الكل زاد في القرآن ونقص بدليلٍ قطعي الثبوت والدلالة , كحال الزيادة والنقص في كلمات الخلافات الفرشية بين القراء في القرآن الكريم.

وختاماً:

أسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يكتب لكم الشفاء العاجل وأن يزيدكم قوةً إلى قوةٍ ولا تخرجوا بعد العملية إلا وأنتم على أحسن حالٍ وأتمّ عافيةٍ إنه قريب مجيب الدعاء.

اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أذْهِبِ البأسَ اشْفِ أنْتَ الشَّافِي لا شِفاءَ إِلاَّ شِفاؤُكَ شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً.

امْسَحِ الباسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفاءُ لا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ.

ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[31 Jul 2008, 02:55 م]ـ

أسأل الله بمنه وكرمه ورحمته أن ييسر لكم العملية يا أستاذ عبد الله وأن يكتب لكم الشفاء العاجل.

وشكرا لكم يا شيخ محمود على تعليقاتكم النافعة.

وأما وجهة نظري في مسألة عناية الأستاذ عبد الله بالإعجاز العددي فلأن فيه خروجا عن نصوص (القدماء) التي تقيدنا وتحد من ابداعنا وتجديدنا ـ كما يراه الأستاذ الفاضل ـ

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير