تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يرد بأن ذلك إنما يتجنب في الكلمة الواحدة، ويجاب بأن كلاً من المتضايقين والجار والمجرور كالكلمة الواحدة وأعطيا حكمهما.

وقوله: (غرّا) حال من النيب، وهو جمع غرّاء كحمراء وحمر وسوداء وسود و (في الجاهلية) خبر كان إن قدِّرت ناقصة، أو متعلق بها إن قدِّرت تامة بمعنى وجد.

وقوله: (فهَلُمَّ جرَّا) متعلق بالمعنى بقوله (في الجاهلية) إن كان سؤدد وائل في الجاهلية فما بعدها.

وإذ قد أتينا على كلام الناس وشرحه وبيان ما فيه من نقل فلنذكر ما ظهر لنا في توجيه هذا الكلام بتقدير كونه عربيّا فنقول: (هَلُمَّ) هذه هي القاصرة التي بمعنى: أمت وتعال إلا أن فيها تجوزين:

الأول: أنه ليس المراد بالإتيان هنا المجيء الحسي بل الاستمرار على الشيء والمداومة عليه، كما تقول: امش على هذا الأمر، وسِرْ على هذا المنوال. ومنه قوله تعالى:"وانطلق الملأ منهم أنِ امشُوا واصبروا على آلهتكم". المراد بالانطلاق ليس الذهاب الحسي بل انطلاق الألسنة بالكلام. ولهذا أعربوا (أنْ) تفسيرية، وهي إنما تأتي بعد جملة فيها معنى القول دون خروجه، كقوله تعالى:"فأوحينا إليه أن اصنع الفلك" والمراد بالمشي ليس المشي بالأقدام بل الاستمرار والدوام، أي: دوموا على عبادة أصنامكم واحبسوا أنفسكم على ذلك.

الثاني: أنّه ليس المراد الطلب حقيقة، وإنّما المراد الخبر، وعبّر عنه بصيغة الطلب كما في قوله تعالى:"ولنحمل خطاياكم"،"فليمدد له الرحمن مدّا". وجرّاً: مصدر جرّه يجرّه، إذا سحبه، ولكن ليس المراد الجرّ الحسي بل المراد التعميم كما استعمل السحب بهذا المعنى إلّا أنه يقال: هذا الحكم منسحب على كذا، أي: شامل له. فإذا قيل: (كان ذلك عام كذا وهَلُمَّ جرّا)، فكأنه قيل: واستمر ذلك في بقة الأعوام استمراراً، فهو مصدر. أو: استمرّ مستمرّا فهو حال مؤكدة. وذلك ماشٍ في جميع الصور، وهذا هو الذي يفهمه الناس من هذا الكلام. وبهذا التأويل ارتفع إشكال العطف فإن (هَلُمَّ) حينئذ خبر، وإشكال التزام إفراد الضمير إذ فاعل (هَلُمَّ) هذه مفرد أبداً، كما تقول: واستمر ذلك. أي: واستمر ما ذكرته.

فإن قلت: قد اشتملت هذه التوجيهات التي وجهت بها هذه المسائل على تقديرات كثيرة وتأويلات متعقدة (متعددة)، ولم يعهد في كلام النحويين مثل ذلك.

قلت: ذلك لأنك لم تقف لهم على كلام على مسائل متعقدة مشكلة اجتمعت في مكان واحد، ولو وقفت لهم على ذلك لوجدت في كلامهم مثل ذلك، وأمثاله كثيرة والله تعالى أعلم.

ـ[خالد عايش]ــــــــ[11 - 09 - 2007, 06:22 م]ـ

السلام عليكم

أضحك الله سنك أخي محمد سعد، و بارك فيك و سدد خطاك.

لك كل الشكر و التقدير على ما قدمت.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير