تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فأنَّ إذن مركبة من (أنْ) المصدرية و (إنَّ) التوكيدية، فهي تنسبك مع الجملة بمصدر وتؤكد في الوقت نفسه وبهذا يرتفع الإشكال في دلالة (أنّ) على المصدر ودلالتها على توكيد نسبة الخبر للمبتدأ.

قد يعترض على هذا بأن معنى التوكيد باق مع الخفيفة في نحو: أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فـ (أن لا إله إلا الله) لا بد أن تكون (أنْ) مخففة من (أنّ) بدليل ما عطف عليها، فأقول نعم ينظر دائما في أمر (أنْ) فإن كانت توجد قرائن تدل على أنها مخففة من الثقيلة حكم عليها بذلك، وإن لم تكن توجد قرائن فهي باقية على أصلها وهي أنها مصدرية بدون توكيد، كما في نحو: أعجبني أنْ زيد منطلق، فليس في هذه الجملة توكيد مطلقاً، أما في نحو أعلم وأشهد وغيرها من الأفعال التي تقتضي أن يكون مصحوبها مؤكدا فيحكم عليها بأنها مخففة من الثقيلة، أي مؤلفة من أنْ وإنّ.

ثم إن علمت وأخواتها تعمل في الجمل الاسمية غير المؤكدة مباشرة في نحو علمت زيدا منطلقا، فإذا أريد توكيد انطلاق زيد جيء بأنّ المؤكدة و المخففة عنها، لأنها في غير التوكيد لا تحتاج إلى (أنْ).

مع خالص التحية.

حسنٌ ما أتيت به شيخنا د. الأغر

وإنه ليفسر ظاهرتين مهمتين أولاهما تميز (أنّ) على (إن) بالتأويل مع معموليها بالمصدر مع أنهما متفقتان ـ عند النحاة ـ في العمل والدلالة على التوكيد، ولقد وضعتم يدكم على السر وهو وجود (أنْ) المصدرية في تركيبها.

والظاهرة الثانية تميز (أنّ) على سائر الحروف المصدرية بالدلالة على التوكيد، وقد بينتم السر وهو وجود (إنّ) التوكيدية في تركيبها.

على أن مسألة التركيب حاضرة في هذا الباب إذ قيل بالتركيب في بعض أخوات إنّ (كأنّ، لكنّ، لعلّ)، وما رآه أستاذنا ليس بأبعد من هذا من حيث المبدأ، لكنه ما زال بحاجة إلى دليل قطعي على أن الحرف المصدري (أنْ) يدخل على الجملة الاسمية، وبالتحديد يدخل على المؤكدة بإنّ مثل (إنّ زيدا منطلق).

فإن قلنا إن في مثل (أعجبني أنّ زيدا منطلق) دليلا على ذلك قيل هذا غير قطعي لأنه مبني على القول بالتركيب، والتركيب لما يثبت بعد، بل هو مانحتاج الدليل عليه.

فهل نجد الدليل في الحروف المصدرية الأخرى مثل (ما، لو)؟

لقد ثبت دخولهما على غير الفعل في مثل: (وددت لو أنّ زيدا حاضرٌ، اجلسْ ما أنّ زيدا جالسٌ) والنحويون يقدرون (ثبت) قبل (أنّ) وبعضهم يقدر (ثابت) خبرا للمصدر، وكل ذلك على أن (أنّ) عندهم حرف بسيط غير مركب.

والسؤال:

إذا كانت (أنّ) مركبة من (أنْ + إنّ) هنا فما الحاجة إلى (أنْ) المصدرية وقد سبقها حرف مصدري آخر (لو، ما)؟

فإن قيل لأنها تفيد التوكيد بتركيبها مع (إنّ) قلتُ إنما المؤكّد (إنّ) وحدها، فلمَ لم يُقلْ (وددت لو إنّ زيدا حاضرٌ، اجلسْ ما إنّ زيدا جالسٌ) ـ بالكسر ـ مادام هذا جائزا في (أعجبني أنْ إنّ زيدا منطلق)؟

وأما على القول التقليدي أي اعتبار (أنّ) حرفا بسيطا غير مركب فإن دلالته التوكيدية هي مسوغ اجتماعه إلى حرف مصدري آخر مثل (لو، ما) في المثالين، وفي هذا أيضا رد على من يرى (أنّ) حرفا مصدريا فقط لا توكيد فيه، إذ لو لم يفد التوكيد لكان اجتماعه إلى حرف مصدري آخر ضربا من الحشو غير المفيد.

تحياتي ومودتي.

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[24 - 01 - 2009, 01:35 ص]ـ

أخي الحبيب علي المعشي

أسمح لنفسي أن أعلق لأني ربما فهمت أني معنيًّا بقولك (من يرى (أن) حرفًا مصدريًّا ... )

لقد ثبت دخولهما على غير الفعل في مثل: (وددت لو أنّ زيدا حاضرٌ، اجلسْ ما أنّ زيدا جالسٌ) والنحويون يقدرون (ثبت) قبل (أنّ) وبعضهم يقدر (ثابت) خبرا للمصدر، وكل ذلك على أن (أنّ) عندهم حرف بسيط غير مركب.

وأما على القول التقليدي أي اعتبار (أنّ) حرفا بسيطا غير مركب فإن دلالته التوكيدية هي مسوغ اجتماعه إلى حرف مصدري آخر مثل (لو، ما) في المثالين، وفي هذا أيضا رد على من يرى (أنّ) حرفا مصدريا فقط لا توكيد فيه، إذ لو لم يفد التوكيد لكان اجتماعه إلى حرف مصدري آخر ضربا من الحشو غير المفيد. والذي أراه أن (لو) في التركيب يراد معناها الامتناعي كما أن (ما) يراد معناها الظرفي. والتركيب (وددت لو أن زيدًا حاضر) تركيب صحيح فلا يضيره أن تتعدد فيه الأحرف للدلالات المختلفة فلو للامتناع وأن رابطة لجملتها بما قبلها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير