أما مع الواو، فتحتاج إلى التقدير والتأويل، مع ما في ذلك من اختلاف بين المجيزين لها، أعني في نوع التقدير وتوجيهه. وقد يكون في كثير من التقديرات المذكورة تكلف بيِّن، نحن في غنى عنه، لو عدنا إلى التركيب الصحيح أو الأصح (على افتراض صحة العبارة مع الواو).
فالتركيب الصحيح إذن هو: (كلَّ عام أنتم بخير)، بنصب "كلَّ" على الظرفية، والاستغناء عن الواو المقحمة، التي هي السبب في اضطراب الجملة وضعف صياغتها، والجدل الدائر حول صحتها.
والجملة الاسمية "أنتم بخير" مبتدأ، وجار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف وجوبا.
وتكون "كلَّ" المنصوبة على الظرفية متعلقةً بهذا الخبر المحذوف.
وفي التركيب على هذه الصورة تقديم وتأخير، والتقدير على الأصل: ((أنتم بخير كلَّ عام)).
ومما يعضد هذه الصياغة أو هذا الأسلوب مشابهته للأسلوب القرآني في قوله تعالى في سورة الرحمن: "كلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأنٍ". فتأمل التشابهَ التام بين التركيبين من حيث الصياغة والوظيفة النحوية:
("كل" مضافة إلى ظرف زمان+ ضمير مبتدأ + جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف وجوبا).
إلا أن المعنى مختلف بين الجملتين، فالأولى خبرية تركيبا إنشائية معنى، والجملة القرآنية خبرية تركيبا ومعنى.
وعقدُ المقارنة هنا إنما قصدتُ به بيانَ التشابه من الناحية التركيبية، لا الناحية البلاغية. وإلا فلا مقارنة بين التركيبين. إلا أن هذا التشابه التركيبي يشفع لهذه العبارة بصورتها التي أوردناها. ويبين أن هذه الصورة المعدلة هي الملائمة للصياغة الصحيحة، والأسلوب العربي السليم.
يتبين مما سبق أن تسويغ العبارة الأخرى بكون الواو حالية، وكون "كلَّ" فاعلا لفعل محذوف، أومبتدأً خبره محذوف أو غير ذلك من التقديرات، فيه فرار من السهولة والوضوح إلى التكلف، على فرض صحة هذه التقديرات التي هي موضع جدل واختلاف، ونحن في غنى عن ذلك كله بالركون إلى التركيب السليم الذي لا جدال في صحته وفصاحته.
وهذا رابط الصفحة:
http://www.atida.org/forums/showthread.php?t=6416
ـ[المستعين بربه]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 09:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يصح لغويا ان نقول ان الله سبحانه وتعالى موجود مع انه لايصح ان نصف الله سبحانه وتعالى باسم المفعول لان الله سبحانه وتعالى فاعل وليس مفعولا به؟
ألأخوة الأكارم/السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الاستفاضة في نقاش هذه المسألة أمرٌله مابعده. فحبذا لوتجنبنا الخوض في صفات ذات الله سبحانه. فاللسان في منطقة بلل ويسهل انزلاقه.
ـ[راجي مغفرة ربه]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 10:06 ص]ـ
عود لموضوع "كل عام وأنتم بخير".
أنقل لكم ردًّا كتبته جوابا عن هذه المسألة، هذا نصه:
وهذا رابط الصفحة:
http://www.atida.org/forums/showthread.php?t=6416
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذا الكلام يكاد يكون نقلا بتصرف لكلام أسبق يحمل نفس الفحوى لشيخنا أبي عبد القيوم.
هذا نصه:
أرى رأي أخينا الأحمر،
أي بنصب كل على الظرفية، وحذف الواو المقحمة، منعا للتكلف والتعسف في التقدير، وتكون الجملة بسيطة كالآية الكريمة التي استشهد بها أخونا وهي قوله تعالى: "كل يوم هو في شان"
الفارق الوحيد بين الآية والعبارة معنوي، وهو أن الآية خبرية، وعبارة (كل عام أنتم بخير) إنشائية غرضها الدعاء.
هذا والله تعالى أعلم.
أما العامل في كل فهو الخبر المحذوف الذي تعلق به الجار والمجرور (بخير)، والتقدير أنت (كائن) بخير كل عام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أرى إلا النصب وحذف الواو،
ورفع كل على الابتداء ضعيف على كل حال، صناعة ومعنى:
أما ما ذهب إليه شيخنا أبو أوس حفظه الله، فلو صح لكان أقوى أوجه الرفع، ولكن يبدو أن فضيلته سها عن أن الحال السادة مسد الخبر يشترط في مبتدئها أن يكون مصدرا أو اسم تفضيل مضاف لمصدر، ولا يتحقق هذا في كل عام،
وكون كل فاعلا لفعل محذوف لا مبرر له ولا دليل عليه، ولم يقولوا ذلك إلا في الاسم المرفوع بعد أداة الشرط لاختصاصها بالدخول على الفعل، وربما في جواب السائل عن الفاعل كمن يسأل: من فعل هذا؟ فيجاب: زيد؛ أي فعله زيد.
كذلك تقدير كل مبتدأ والخبر محذوفا نحو: كل عام مقبل وأنتم بخير، أو كل عام يمر وأنتم بخير فيه تكلف من جهة التقدير، والأصل عدم التقدير بلا داع، وفيه تعسف من جهة المعنى، لأن جعل المسند إليه كل عام والمسند الخبر المقدر يصرف الكلام عن معناه المراد بخلاف جعل جملة أنتم بخير هي مضمون الكلام المشتمل على المسند والمسند إليه، لا جملة حالية فضلة منتقلة،
فدعائي في الأولى بأن يمر كل عام، أما في الثانية فبأن تكونوا بخير. والفرق واضح في القصد.
ووجود شاهد لنحو كل عام أنتم بخير في أفصح الكلام وهو قوله تعالى:" كل يوم هو في شأن" يجعل حمل العبارة عليه أولى من الحمل على ما لا شاهد له، أو الترقيع بما يمكن الاستغناء عنه.
هذا وبالله التوفيق. وكلَّ عام أنتم بخير.
¥