تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(في منزل السرى السقطي وعنده الجنيد بن محمد)

الجنيد: أراك يا خالي مهموماً اليوم على غير عادتك؟

السرى: أنسيت يا جنيد أن على اليوم أن أحضر أربعين ألف درهم لمالك تحفة ثمنا لها؟

الجنيد: متى يطلب منك الدفع؟

السرى: اليوم بعد صلاة العصر.

الجنيد: ولا تعرف حتى الآن من أين تدبر هذا المبلغ؟

السرى: لا أعرف حتى الآن يا جنيد.

الجنيد: كما دعوت لها فهداها الله إلى طريق المحبين العاشقين لجمال الله. فادع الله أن يسر لك ثمنها لتعتقها لوجه الله.

السرى: قد فعلت يا بنى .. البارحة طول الليل.

الجنيد: وأخلصت الدعاء؟

السرى: نعم يا بني .. في حدود ما أعلم.

الجنيد: إذن فسيستجيب الله لك يا خالي لا محالة.

السرى: متى يا جنيد؟ ما يبقى على ميعاد الدفع غير ثلاث ساعات.

الجنيد: في ساعة واحدة يا خالي يبدل الله من حال إلى حال.

السرى: صدقت يا بني لقد ثبت بيقينك هذا ما كاد يتزعزع من يقيني.

الجنيد: استغفر الله يا خالي أين يقيني من يقينك؟ أنت شيخي وأستاذي.

السرى: كثيراً ما يتفوق التلميذ على أستاذه يا بني.

الجنيد: هل تفوقت أنت على أستاذك معروف الكوخي.

السرى: لا يا بني ولكني أرجو أن يتفوق الجنيد بن محمد علي.

الجنيد: من أجل كلمة صغيرة قلتها؟

السرى: بل من أجل اليقين الكبير الذي أرسل تلك الكلمة الصغير.

(يقرع باب المنزل)

السرى: انظر يا جنيد من الطارق؟

الجنيد: الدعوة المجابة يا خالي. إن شاء الله.

السرى: يسمح الله لك.

(يخرج الجنيد ثم يعود ومعه أحمد بن المثنى وحمال).

أحمد: السلام عليك يا مولاي الشيخ.

السرى: وعليك السلام ورحمة الله.

أحمد: يا حمال ضع الأكياس على الأرض وانصرف .. خذ .. هذا أحرك.

الحمال: شكراً يا سيدي.

أحمد: أنا أحمد بن المثنى يا سيدي الشيخ وهذه أربعون ألف درهم جئتك بها لتدفعها ثمناً لتحفة.

السرى: أنت مالكها الأول؟

أحمد: أجل يا سيدي الشيخ. ركبتني الديون فبعتها مضطراً بعشرين ألف درهم فشق ذلك عليها حتى فقدت صوابها فأرسلها النخاس إلى المارستان. وتألمت لما أصابها فاجتهدت في التجارة حتى استطعت أن أجمع عشرين ألف درهم فانطلقت إلى النخاس لاستردها منه فأبى أن يقبل مني أقل من أربعين ألفاً فكدت أيأس يا سيدي لولا أن طرق بابي البارحة تاجر فارسي كان مدينا لي بثلاثين ألف درهم فدفع لي الدين الذي عليه فلم أستطع صبراً فانطلقت صباح اليوم إلى لنخاس وقلت له خذ المبلغ الذي تريد فقاللي إنك قد سبقتني إلى شرائها منه وأنك ستحضر له ثمنها بعد عصر اليوم فقلت في نفس لعل الله ما يسر لي هذا المال على هذا الوجه إلا لأحمله إليك عسى أن تستعين به في دفع ما عليك.

السرى: أجل يا بني لقد ساقك الله عزوجل لتعينني في ذلك فليس معي اليوم ولا درهم واحد.

أحمد: الحمد لله إذ ساقني يا سيدي الشيخ لخدمتك.

السرى: لكني يا أحمد لن اشتريها لك بل سأعتقها لوجه الله.

أحمد: لا بأس يا سيدي فقد كنت أنا أيضاً أريد شراءها لأعتقها.

السرى: لعلك تريد أن تتزوجها بعد العتق؟

أحمد: نعم يا سيدي الشيخ فهل لديك من مانع؟

السرى: لا مانع عندي يا أحمد ولكني أخشى ألا تقبل هي الزواج منك.

أحمد: يا سيدي هذه كانت تحبني وما أصابها هذا الجنون إلا من أجلي.

السرى: لكن ينبغي أن تعلم يا أحمد أن قلبها قد تحول من حبك إلى حب الله عزوجل.

أحمد: أجل قد بلغني ذلك يا سيدي الشيخ.

السرى: بلغك؟

أحمد: نعم وإن ذلك قد حصل لها ببركتك. ولكن ألا يجوز يا سيدي الشيخ أن تحب المرأة زوجها وربها في آن واحد.

السرى: بلى يا أحمد غير أن هذه قد أستغرقها حب الله فاخشى ألا تقبل الزواج. البتة.

أحمد: إذن يا سيدي أرضى بما قضاه الله وأسلم أمري له.

السرى: وتنظرني في الدين الذي لك علي إلى ميسرة؟

أحمد: أي دين يا سيدي؟

السرى: هذه الأربعون ألفاً.

أحمد: هذه هدية مني ولك يا سيدي الفضل في قبولها.

السرى: كلا يا أحمد لا أقبلها ألا ديناً لك على.

أحمد: فليكن يا سيدي الشيخ ما تريد.

ـ3ـ

(في المارستان مرة أخرى)

الحارس: ماذا فعلت بها يا سيدي الشيخ؟ لقد صارت لا تفارق سجادة الصلاة ليل ونهار.

السرى: الله هو الذي اصطفاها يا سليمان.

الحارس: حتى الكلام الذي تتغنى به أصبح من لون آخر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير