تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فراشيل تنظر نظرة مادية للبيت باعتباره بيتا قديما (كيف لا أعرفه وأنا أقف فيه .. أقف على نفس أخشابه المتآكلة وفي مواجهة حوائطه المتداعية) بينما هو كنز (هذا البيت ليس ككل البيوت) (هذا البيت له حكاية) فراشيل أخرى بالنسبة لأبيها، فلكل منهما منطقه الخاص. راشيل مادي بحت، بينما الأب منطق نفسي ذاتي، هو الأمن والأمان هو الذي يكسر حاجز الخوف "لقد كنا نجري في جنح الليل هربا منهم وليتنا كنا نعرف ممن نهرب لقد تحول الناس العاديون إلى جستابو (*) مهمتهم اصطيادنا .. أنت لا تستطيعين أن تتصوري مهما حاولت حالة الرعب التي كنا عليها أو كيف أصبحت فكرتنا عن نفسنا ...... أصبح دمنا مهدرا والمسألة لا تعدو كونها مسألة وقت وفور أن يقبضوا علينا سيشحنوننا مع غيرنا في اللواري ويضعوننا كالقمامة في محطات التجميع حتى يرسلوننا إلى أفرانهم الحارقة .. الحارقة افهمي ناس بني آدمين سيحرقوهم أقول تاني أتحبي أن ألسعك الآن حتى تحسي بمعنى كلمة يحرقونهم) ().

كان الرعب يملأ نفوسوهم ووجد في هذا البيت الملاذ والأمان ولذلك فهو أغلى مكان في العالم في رأي ليفي اذ يمثل له المعادل الموضوعي للأمن، والذى استدعاها الى اسرائيل خصيصًا للزود عنه اذا ما مات هو، فهو آخر بالنسبة لراشيل ذات الوضع المختلف تماما فهي لم تعش هذه الظروف ولذلك فالبيت عندها لا يساوي أكثر من قيمته المادية التي لا تساوي شيئا إذا قورنت بما عندها فهي أخر بالنسبة لأبيها.

2. الثنائية الثانية.

هي الثنائية التقليدية العربي الغريب - في رأي ليفي- الذي يدخل البيت في وقت يبحث فيه ليفي عن شاب وسيم تحبه راشيل فتقبل العيش معه في إسرائيل، يدخل هذا العربي ومعه ابنه أحمد الشاب الذي وصل من أمريكا توا بعد أن عاش معظم حياته هناك وتخرج في كلية الطب جراحًا؛ فتتلقفه راشيل وتصعد به إلى أعلى تاركا الثنائية الثانية بين ليفي والعربي حتى تظهر على مسرح الأحداث، ويدور بينهما حوار هادئ في البداية يظهر فيه العربي إعجابا بالحرية الإسرائيلية والعظمة عندهما وسرعان ما يتبين القارئ أو المشاهد أنها لهجة سخرية واستهزاء بعد أن يظهر سر زيارة هذا العربي للبيت (لن نكتشف الهدف الحقيقي من وراء الزيارة إلا قبل نهاية الفصل الأول)، الذي يثور عندما يكتشف أن ليفي قد غيَّر درابزين السلم:

العربيتتغير لهجته وتصبح حادة كالسيف) أنت غيرت هذا الدرابزين؟

ليفي: (يرد بتلقائية) تهالك وأوشك أن يقع وكان لابد من تغييره.

العربيبصوت يشبه الفحيح) ليس من حقك.

ليفي: ماذا؟

العربيصارخا) سمعتني

ليفي: كيف تتحدث معي بهذه الطريقة؟

العربي: إنه بيتي وبيت أجدادي ()

فهذا العربي هو صاحب البيت الحقيقي الذي اغتصبه ليفي بعد طرد العربي فى 48، وتظهر في مخيلة العربي ذكريات الطفولة "إنه كان من المستحيل أن نتصور أن هذه الجماعات الهزيلة الوجلة المترددة المندهشة لوجودها هنا ستقوم باقتلاعنا نحن أصحاب البلد الذين نتحرك ونتصرف بثقة وقوة والذين ننظر لهذه الجماعات بنوع من الشفقة، لم يكن من الممكن أنت نتصور أنها يمكنها تحت أي ظرف من الظروف أن تطردنا من أرضنا وضياعنا وقصورنا وتحولنا إلى لاجئين نعيش على الإعانات" () هذه الذكريات التي دارت في مخيلته لم يفق منها إلا على صدمة تغيير الدرابزين الذي يمثل عنده لحظة الانكسار/الجنون، بينما يكون منطق ليفي العداء لكل الناس "لا بل حقيقة كل الذين يعيشون خارج حارة اليهود ويدبرون المؤامرات لحرقها بمن فيها .. حقيقة الأعداء كل العداء المنتشرين كالأفاعي في كل شبر من الأرض يرصدون حركتنا وينصبون المشانق والمحارق لنا إني أراهم الآن ها هم لهم عيون تخرج منها ألسنة اللهب وأصابع تنتهي بأظافر طويلة كالحراب .. ها هم أمامي. إني أراهم رأي العين" () فقد تجاوز الحاجز الفاصل بين العقل والجنون وفقد التمييز فصار الآخر عدوا في عينه، لا يهم هذا الآخر ولو كان يهوديا المهم أنه الآخر،ويشتد العداء إلى الجنون مع هذا الذي جاء يسلبه الأمان ويثور دفاعا عنه، وينشب بينهما صراع شديد يصل إلى حد التشابك بالأيدي مرات ويتدخل أحمد وراشيل للفض بينهما في كل مرة، وفي النهاية تأتي الشرطة ويبرز العربي عقد بيته الذي يثبت أحقيته في البيت، فيمزقه الضابط ويضربه حتى يكسر ذراعه أما أحمد ولده الذي يحمل الجنسية الأمريكية فلا يقترب منه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير