تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهو جعل الفن محاكاة، وعندما عدد أنواع الشعر جعلها كلها قائمة على المحاكاة، وفسر المحققون لكتاب (فن الشعر) المحاكاة عند أرسطو في عدة أشياء ومنها:

أولا:

المحاكاة أساس كل فن لكنها تختلف في وسائل المحاكاة المتمثلة في الإيقاع واللغة والانسجام وتختلف أيضا في موضوع المحاكاة.

" فالمحاكاة الشعرية هي ذلك الإلهام الخلاق الذي به يستطيع الشاعر أن يوجد شيئا جديدا على الرغم من استخدامه لظواهر الحياة وأعمال البشر " (1)

لذلك نرى أن المحاكاة عند أرسطو هى إعادة خلق ونراها موجهة للطبيعة مباشرة عكس المحاكاة عند أفلاطون فهى موجهة لعالم المثل.

ثانيا:

المحاكاة أداة للتمييز بين العلوم وجدت أنه هناك كثير من الأدياء ناقشوا قضية المحاكاة وما يتعلق بها وموقف الشعراء منها وربطها بالعلوم والفنون وأجمل كلام وجدته هنا كان كلاما للأستاذه سهير القلماوي حيث قالت:

" بغير المحاكاة لا يمكن أن توجد أي صورة من صور الفن " (2)

فأرسطو هنا جعل المحاكاة للتمييز بين ما يسمى بالعلوم الإنتاجية أو الإبداعية وغيرها من العلوم العملية أو النظرية فالنظم وحده لا يكفي لنقل نظرية فلسفية أو رسالة طبية من باب الفن الشعري لأن الشعر لا يكون شعرا إلا بالمحاكاة، فالمحاكاة عنده هى العامل المشترك بين الشعر و الفنون الأخرى.

والمحاكاة أيضا من وجهة نظر أرسطو هى التي تميز لنا بين عمل الشاعر المسرحي/التراجيدي، وعمل الشاعر في الملحمة المعتمد على السرد فقط

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

1 - ابن رشد، تلخيص كتاب الشعر، تحقيق محمد سليم سالم، ص57

2 - سهير القلماوي، فن الأدب ص 92

(3)

يقول " إن الشعر الملحمي والتراجيدي، وكذلك الكوميدي، وفن تأليف الديترامبيات، وغالبية ما يؤلف للصفير في الناي، واللعب على القيثارة. كل ذلك –بوجه عام- أشكال من المحاكاة " (1)

ومن الأمور المهمة أيضا لدى أرسطو مفهومه للمأساة واختلف النقاد أيضا في ما يتصل بهذه القضية وخاصة فيما يتعلق بالتطهر. قال البعض إن المأساة عند أرسطو هي نظام مصمم لبلوغ هدف معين، وهذا الهدف هو التطهر. وقال آخرون إن التطهر الذي يتحدث عنه أرسطو هو تطهر أخلاقي يتعلم فيه المتفرجون ما يجب أن يثير فيهم الخوف والشفقة.

وأما من ناحية التخيل و التخييل عند أرسطو ومطابقته للصدق والكذب فالتخيل عنده ضرب من الحركة في الذهن يقابل الحركة في عالم الحس وحركة التخيل يجب في رأيه أولاً: ألا تكون قادرة على الوجود بدون الإحساس، وأن تنتمي إلى الكائنات التي لا تحس. ثانياً: أن تجعل صاحبها قادراً على أن يفعل وينفعل بعدد كبير من الأفعال.

وأخيراً أن تكون هي نفسها صادقة أو كاذبة (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

1 - أرسطو، فن الشعر، ترجمة إبراهيم حمادة 55

2 - ينظر ابن رشد، تلخيص كتاب الشعر، تحقيق محمد سليم سالم، ص66

النقد عند الفارابي

أشرت من قبل أن الفلاسفة ومنهم الفارابي قد تأثروا بالثقافة اليونانية كأرسطو على سبيل المثال، ونلحظ هذا التأثر هنا في آثاره وآرائه حول الشعر، فأول ما نلاحظه عن تأثره الشديد بأرسطو أنه خالف (متى بن يونس) في تسميته للتراجيديا والكوميديا بالمدح والهجاء، بل سماها (طراغوذيا) و (قوموذيا)، فهو بذلك يعتمد على مقولات أرسطو في حديثه عن الشعر هذه واحدة، وأما الثانية فإنه قد استبدل مصطلح (الشعر) بـ (الأقاويل الشعرية) ويعرفها بقوله عنها:

" هى التي من شأنها أن تؤلف من أشياء محاكية للأمر الذي فيه القول " (1)

وأشار إلى أن مثل هذه الأقاويل الشعرية ومطابقتها بالنسبة للواقع الخارجي، سواء بالصدق، أم بالكذب فهى كاذبة؛ وذلك لعدم تطابقها مع الواقع.

" الأقاويل الشعرية تعتمد على الكذب لأنها تهدف إلى محاكاة الشيء على غير ما هو عليه في الواقع بل على ما يريد الشاعر " (2)

ويرى البعض هنا أن الفارابي متأثربمقولة قدامة (أعذب الشعر أكذبه)، وقد قسم الفارابي الأقاويل الشعرية إلى (برهانية / جدلية / خطابية / سوفسطائية / شعرية).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير