10 - الصهيونية وما تنويه من إقامة الوطن القومي من خلال اليهود الغرباء برزت بصورة بشعة، فالصهيونيون مخلوقات بشعة جائعة عملاقة جاءت تسرق الوطن وتستبدل به وطنا آخر. [20]
والصور الإيجابية لليهود تتمثل فيما يأتي:
1 - اليهود منظمون ومرتبون ودقيقون في معاملاتهم.
2 - منهم المتسامح والمتعاون مع العرب مثل نوئيل، ومثل أم يحزقيل المتجاوبة مع جاراتها العربيات والسامعة لآراء العرب في أثناء النقاشات الدائرة بينهم.
3 - داليا وأمها وأخوها نماذج لليهود العرب وكذلك أم يحزقيل، لم تتعرض الرواية لأي منهم بشيء من النقد، أي صورة اليهود العرب كانت إيجابية في الرواية، فداليا متعاطفة مع أهل غزة في أثناء الحرب، وهي متعاطفة مع أهل الضفة وما يصيبهم من مضايقات من اليهود كوضع الحواجز وإقامة الجدار وما إلى ذلك .. وأم داليا مخلصة لزوجها العربي المقاوم، وأم يحزقيل تجلس إلى العربيات الأخريات وتتناقش معهم وتتقبل وجهات النظر الأخرى.
تصور العرب لليهود كما يظهر في الرواية:
لم يكن تصور العرب لليهود واحدا، كما يظهر في الحوار الجاري بين الشخصيات العربية حول اليهود أو من خلال تصرفات العرب تجاه اليهود، ويظهر ذلك على النحو الآتي:
-والد داليا: لا ينظر إلى اليهود نظرة واحدة فهو مقاوم فلسطيني مسلم، ومع ذلك تزوج من يهودية عربية، لكنه قاوم اليهود الأجانب الذين سكنوا فلسطين.
-محمد "مودي":لا ينظر إلى اليهود ككل في الرواية ويظهر أن اليهودي كغيره،أي أن داليا كونها يهودية فإنه لا يعني أنها لا تحب ولا تعشق ولا ترتبط به هو المسلم القروي [21]، مع أنه لم يتزوجها إلا أنه أبدى هذه النظرة لها.
-أم أنوار: جارة داليا في القدس تنظر إلى المستوطنين على أنهم انتهازيون سارقو بيوت العرب يستغلون فرصة غياب العرب فيستحوذون على البيت، وتخاف من علاقتها مع اليهود ككل هي وجاراتها، ويظهر ذلك من خلال تعاملهم مع الجارة اليهودية المنطوية على نفسها، حيث يقلن عنها:" هذه امرأة يهودية، (برية يعني) "، " غير مرغوب بها في جلستنا" [22] هذا ما دار بين الجارات عن الجارة اليهودية، لكن ما يدل على أن النظرة ليست واحدة عندها هي رجوعها إلى داليا اليهودية العربية بعد معرفتها أنها يهودية، وإبقاء العلاقة كما هي. بالإضافة إلى التعامل والجلوس مع الجارة اليهودية العربية "أم يحزقيل".
-عمة داليا: رافضة لكل اليهود حتى العرب منهم، لأنها كانت شديدة الرفض من زواج أخيها (والد داليا) من يهودية لذلك لم يكن أبوها يصطحب أمها إلى عمتها. [23]
-وقد ظهر في الرواية أيضا أن من العرب من ينظر إلى اليهود ككل على أنهم سلبيون، حتى إن (نوئيل) المتعاون مع العرب يتعرض لعبارات معادية بصيغة الجمع مثل" الله يخلصنا منهم"، "الله ينصرنا عليهم "، الله يخرب بيتهم زي ما خربوا بيتنا" [24] هذا ما ورد على ألسن الجالسين في السيارة على الحاجز.
يعرف العرب أن وجود اليهود-وإن كانوا عربا- بين العرب تهديدٌ لحياتهم كتحذير السائق لداليا من العرب عند توجهها إلى رام الله. [25]
صورة إيجابية أخرى لليهود من قبل سائق السيارة عندما وصفهم بالترتيب والنظام وأنهم ليسوا كالعرب في تعاطفهم في الأوراق الرسمية. [26]
تصور اليهود للعرب كما يظهر في الرواية:
تظهر الرواية تصورات مختلفة لليهود عن العرب، فهم يكرهون العرب وينظرون إليهم نظرة دونية، تبرز من خلال معاملة أهل أم داليا معها لزواجها من عربي مسلم [27]، وكيفية معاقبتهم بعد العملية التي نفذها والدها، وكيفية معاملة زوج داليا لها جراء عروبة والدها ودينه، ومنها أيضا رفض ديفيد ابن داليا التعاطي مع أمها العربية بعد غياب طويل بسبب عروبتها.
وينظر اليهود أنفسهم إلى المسلمين على أنهم قاتلون ويظهر ذلك من خلال الشخصية المتعاطفة مع العرب وهو نوئيل حين عاتب داليا المتسللة إلى رام الله خوفا عليها من القتل. [28]
وفي القدس أيضا تتجلى علاقة اليهود بالعرب من خلال الشتائم المتبادلة فهم يصفون العرب بالقذرين" عربيم مخولا ليم" والعرب ينعتونهم بالكلاب. [29]
ومنها أيضا استياء اليهود من نوئيل لزواجه من عربية اسمها ثائرة ومضايقته بنظرتهم إليه.
وهناك نظرة لليهود إلى أنفسهم تظهر من خلال مخاطبة زوج داليا لها عند التحدث عن المتدينين بني جنسه فهو يقول:" نحن الأوفى لله، ويجب أن نتكاثر ونثبت أكثر بآرائنا كي لا نخسر الآخرة". [30]
أما داليا الراوية اليهودية العربية فنظرتها للعرب – كما أسلفت القول- تشفق على العرب وترى فيهم نموذجا للبشر المحرومين جراء أحلام قيام الدولة اليهودية.
إذن من خلال ما سبق يتضح أن الرواية تبرز صورا مختلفة لليهود، وهي تميز بين اليهود العرب وغيرهم الأجانب وبين المتدينين وغيرهم، أي أنها لم تضعهم جميعا في سلة واحدة، وقد تعرضت الرواية للعرب وبينت نظرة العرب تجاه اليهود، ولم تكن أيضا واحدة، بل اختلفت باختلاف الأشخاص، وهي تعطي الصور السلبية لليهود المتدينين وللساسة اليهود الذين يفرقون سكان البلاد، ولعبتهم الحرب والقتل والسجن وأن هذه الأمور رهن بقائهم في فلسطين، ويظهر في آخر الرواية بكل وضوح أن الصهيونية وإقامة الدولة اليهودية هي مؤرقة الراوية وسبب من أسباب دمار القدس القديمة وبعثرة أشلائها وذلك بتغيير معالمها وسكانها.