اللَّحْنُ
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[20 - 06 - 2009, 08:14 م]ـ
اللَّحْنُ
جاء في لسان العرب لابن منظور:
قال ابن بري وغيره: للَّحْنِ ستة مَعان: الخطأُ في الإِعراب واللغةُ والغِناءُ والفِطْنةُ والتَّعْريضُ والمَعْنى.
1) فاللَّحْنُ الذي هو الخطأُ في الإِعراب يقال منه لَحَنَ في كلامه، بفتح الحاء، يَلْحَنُ لَحْناً، فهو لَحَّانٌ ولَحّانة، وقد فسر به بيتُ مالك بن أَسماء بن خارجة الفَزَاري كما تقدم.
2) واللَّحْنُ الذي هو اللغة كقول عمر، رضي الله عنه: تعلموا الفرائضَ والسُّنَنَ واللَّحْنَ كما تعلَّمُون القرآنَ، يريد اللغة؛ وجاء في رواية تعلموا اللَّحْنَ في القرآن كما تتعلمونه، يريد تعلموا لغَةَ العرب بإِعرابها؛ وقال الأَزهري: معناه تعلموا لغة العرب في القرآن واعرفُوا معانيه كقوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ?لْقَوْلِ} [30 / محمد /47] أَي معناه وفَحْواه، فقول عمر، رضي الله عنه: تعلموا اللَّحْن، يريد اللغة؛ وكقوله أَيضاً: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنا، وإِنَّا لنَرْغَبُ عن كثير من لَحْنِه أَي من لُغَتِه وكان يَقْرأُ التابُوه *؛ ومنه قول أَبي مَيْسَرَة في قوله تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [16 / سبأ / 34].، قال: العَرِمُ المُسَنَّاةُ بلَحْنِ اليمن أَي بلغة اليمن؛ ومنه قول أَبي مَهْديٍّ: ليس هذا من لَحْني ولا لَحْنِ قومي.
3) واللَّحْنُ الذي هو الغناء وترجيع الصوت والتَّطْريبُ
شاهده قول يزيد بن النعمان:
لقد تَرَكَتْ فُؤادَكَ مُسْتَجَنَّا = مُطَوَّقَةٌ على فَنَنٍ تَغَنَّى
يَمِيلُ بها، وتَرْكَبُه بلَحْنٍ، = إِذا ما عَنَّ للمَحْزُون أَنَّا
فلا يَحْزُنْكَ أَيامٌ تَوَلَّى = تَذَكّرُها، ولا طَيْرٌ أَرَنَّا
وقال آخر:
وهاتِفَينِ بشَجْوٍ، بعدما سجَعَتْ = وُرْقُ الحَمامِ بترجيعٍ وإِرْنانِ
باتا على غُصْنِ بانٍ في ذُرَى فَننٍ، = يُرَدِّدانِ لُحوناً ذاتَ أَلْوانِ
ويقال: فلان لا يعرفُ لَحْنَ هذا الشعر أَي لا يعرف كيف يُغَنيه. وقد لَحَّنَ في قراءته إذا طَرَّب بها.
4) واللَّحْنُ الذي هو الفِطْنة يقال منه لَحَنْتُ لَحْناً إذا فَهِمته وفَطِنته، فَلَحَنَ هو عني لَحْناً أَي فَهمَ وفَطِنَ، وقد حُمِلَ عليه قول مالك بن أَسماء: وخير الحديث ما كان لحناً، وقد تقدم؛ قاله ابن الأَعرابي وجعله مُضارعَ لَحِنَ، بالكسر، ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم: ((لعَلَّ بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته)) أَي أَفْطَنَ لها وأَحسَنَ تصَرُّفاً.
5) واللَّحْنُ الذي هو التَّعْريض والإِيماء؛
قال القتَّالُ الكلابي:
ولقد لَحَنْتُ لكم لِكَيما تَفْهَموا، = ووَحَيْتُ وَحْياً ليس بالمُرْتابِ
ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم، وقد بعث قوماً ليُخْبِرُوه خبَرَ قريش: ((الْحَنُوا لي لَحْناً))، وهو ما روي أَنه بعث رجلين إِلى بعض الثُّغُور عَيْناً فقال لهما: ((إذا انصرفتما فالْحَنا لي لَحْناً)) أَي أَشيرا إِليَّ ولا تُفْصِحا وعَرِّضا بما رأَيتما، أَمرهما بذلك لأَنهما ربما أَخبرا عن العَدُوِّ ببأْسٍ وقُوَّة، فأَحَبَّ أَن لا يقفَ عليه المسلمون. ويقال: جعَلَ كذا لَحْناً لحاجته إذا عَرَّضَ ولم يُصَرِّح؛ ومنه أَيضاً قول مالك بن أَسماء وقد تقدم شاهداً على أَن اللَّحْنَ الفِطنة، والفعل منه لَحَنْتُ له لَحْناً، على ما ذكره الجوهر عن أَبي زيد؛ والبيت الذي لمالك:
مَنطِقٌ صائبٌ وتَلْحَنُ أَحيا = ناً، وخيرُ الحديثِ ما كان لَحْنا
ومعنى صائب: قاصد الصواب وإِن لم يُصِبْ، وتَلْحَن أَحياناً أَي تُصيب وتَفْطُنُ، وقيل: تريدُ حديثَها عن جهته، وقيل: تُعَرِّض في حديثها، والمعنى فيه متقاربٌ، قال: وكأَنَّ اللَّحْن في العربية راجع إِلى هذا لأَنه العُدول عن الصواب؛ قال عثمان ابن جني: مَنْطِقٌ صائب أَي تارة تورد القول صائباً مُسَدَّداً وأُخرى تتَحَرَّفُ فيه وتَلْحَنُ أَي تَعْدِلُه عن الجهة الواضحة متعمدة بذلك تلَعُّباً بالقول، وهو من قوله ولعل بعضَكم أَن يكون أَلْحَنَ بحجته أَي أَنْهَضَ بها وأَحسَنَ تصَرُّفاً، قال: فصار تفسير اللَّحْنِ في البيت على ثلاثة أَوجه: الفِطنة والفهم، وهو قول أَبي زيد وابن الأَعرابي وإِن اختلفا في اللفظ، والتعريضُ، وهو قول ابن دريد والجوهري، والخطأُ في
¥