[الأقنوم وشاول اليهودي و الكبش المصري]
ـ[أصيل الصيف]ــــــــ[26 - 09 - 2009, 03:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
-
المقال من كتاب (الاوليات
العرب والأدب والاسلام والجاهلية والشعر) ص 100/ 111
لـ: أصيل الصيف الأصولي
ب- الأقنوم وشاول اليهودي:
"يَا مَنْ يبحثُ عن الحقيقة عند شَاوُل، هل تعلم أنك تعبدُ الأكباشَ
المصرية؟ يَا مَنْ يبحثُ عن الحقيقة عند شاول، إنَّ الله ليس كبشاً،
وإنَّ المسيحَ ليس حَمَلاً، إنَّما المسيحُ عبدٌ أرسلَهُ اللهُ إلى بني
إسرائيلَ، وإنَّ الله ليس كمثلهِ شىءٌ".
أصيل الصيف الأصولي.
-1 -
ترجع الكنيسة لفظ (أُقْنُوم) إلى السريانية، وتترجمه إلى العربية بلفظ
(شخص)، وتذهب الكنيسة إلى أن لفظ (أُقْنُوم) ليس له مقابل لفظي في اللغة
العربية، وتقارب ألفاظ السريانية إلى ألفاظ العربية أمر معلوم لكون
السريانية ترجع إلى الأصل الذي ترجع إليه العربية.
والحق أقول: إن هذا الرأي الذي ذهبت إليه الكنيسة وهو أن لفظ (أُقْنُوم)
ليس له مقابل لفظي في اللغة العربية رأي كنت في شك منه، فلما رجعت إلى
الفعل (قَنِمَ) في العربية وجدت معناه يفيد معنى بعيداً عن لفظ (شخص) جاء
في اللسان: "قَنِم الطعامُ واللحم والثريد والدهن والرُّطب يَقْنم
قَنَماً فهو قَنِمٌ وأقْنَم: فسد وتغيرت رائحته".
-2 -
ثم يسَّر الله لي أن أطالع في تاريخ الحضارة المصرية القديمة وطريقة بناء
الأهرام، فكانت المفاجأة، ذلك أنني عثرت على أصل لفظ (أُقْنُوم) وعثرت
أيضاً على المقابل اللفظي له في اللغة العربية.
فما هو أصل لفظ (أُقْنُوم)؟ وما هو المقابل اللفظي له في اللغة العربية؟
-3 -
قلت: أصل لفظ (أُقْنُوم) فرعوني، وهو لفظ (خُنُوم)، فما هو (خُنُوم) في
المصرية القديمة؟
جاء في كتاب الحضارة المصرية القديمة، لمحمد مهران: "كان خُنُوم إلهاً
خالقاً اشتق اسمه من فعل (خنم) بمعنى (يخلق)، مما يشير إلى أنه كان إلهاً
خالقاً منذ البداية، ولم تسبغ عليه صفة الخلق كغيره من الآلهة، خلق نفسه
من نفسه، كما خلق الأرض، ورفع السموات على عمدها الأربعة، وخلق العالم
السفلي والمياه، وخلق الكائنات الموجودة والتي ستوجد، والد الآباء، وأم
الأمهات، وخالق الآلهة والبشر الذين شكلهم من الصلصال على عجلة الفخار" (
).
قلت: ظاهر الفعل (خَنِم) أنه فعل ماضٍ لا مضارع، والثابت عند التحقيق أن
لفظ (خُنُوم) ليس مشتقاً من الفعل (خنم) بل إن الفعل مشتق من الإسم، ولما
كان (خُنُوم) إلهاً خالقاً فقد صار الفعل المشتق من اسمه يدل على معنى
(خلق)، واشتقاق الفعل من الإسم جاز، كما تقول (أورق) من الإسم (الورق).
-4 -
ثم تابع مهران قائلاً: "وكان الكبش الأفريقي حيوان خُنُوم المقدس، وهو
نوع من الكباش له قرون تمتد افقياً، وقد ظهر هذا النوع من الكباش منذ
أقدم العصور، ولكنه اختفى وحل محله الكبش الآسيوي الذي لا يزال في مصر
للآن، وكان خُنُوم يصور في هيئة رجل له رأس كبش بقرنين أفقيين ... أو ككبش
يقف على قدميه الخلفيتين .... وقد مثل أحياناً وله أربعة رؤوس كباش" ().
"وأما المقاصر الرئيسة لعبادة خُنُوم، فكانت في (سنو) أسوان، وفي جزيرة
أليفانتين وبيجة، وقد ظهر خُنُوم في هذه الأماكن كربٍ لكل جنوب مصر" ().
"وأما سبب اختيار الكبش رمزاً لخنوم فربما كان ما لمسه القوم في الكبش من
قدره مميزة في الإخصاب" ().
قلت: لم يكن ذلك سبب اختيار الكبش رمزاً لخنوم، بل كان السبب أن لفظ
(خُنُوم) معناه الكبش، وسيأتي توضح ذلك إن شاء الله. الخنوم
.-5 -
ثم تابع مهران قائلاً: "وكانت (عَنْقِتْ) زوجته في بداية الأمر ثم ما
لبثت (ساتت) أن حلت مكانها، وتكوّن ثالوث إليفانتين من خُنُوم وعنقت
وساتت التي ربما كانت زوجة ثانية له، وربما ابنة لهما" ().
قلت: لم تكن (ساتت) زوجة ثانية، بل كانت ابنة خُنُوم وعنقت، وسيأتي توضح
ذلك إن شاء الله.
-6 -
ثم أكمل مهران قائلاً: "هنالك من الأدلة ما يشير إلى وجود عبادة خُنُوم
منذ الأسرة الأولى، فلقد عثر في أبيدوس على قطعة من الألبستر، وقد صوِّر
عليها خُنُوم، كما ظهر اسمه أكثر من ست مرات في نصوص الأهرام من عصر
الملك (وناس)، وظل خُنُوم طوال التاريخ المصري وهو يتمتع بمكانة ممتازة
بين الآلهة المصرية، فضلاً عن المصريين أنفسهم، بل استمر تقديسه عندهم
¥