ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 03:06 م]ـ
العقل و الوحي يتظاهران
حياة الإنسان عبارة عن التغيرات، فإنها تتكيف تلقائيا على حسب بيئتها، فإذا يرد الإنسان منطقة حارة يختار ملابس تحميه من وهج الشمس و في الوقت نفسه ? يشعر فيها بالضيق و نعا? يتبلغ بها من الرمضاء، و إذا ما حط رحله في مصيف لجأ إلى أقمشة خشنة
و كذلك حال مطاعمه و مراكبه و مساكنه
و لكن هذا الكلام ليس على الإطلاق، و إنما تعتري هذه التغيرات بعض نواحي الإنسان و إنما هي التي تختلف من شخص لشخص، و أما غيرها من النواحي فلا عهد لها بالتقلبات ? على مستوى الفرد و ? على مستوى النوع و هي ثوابت الإنسان. فكل إنسان يمتلك المشاعر فكل أم تحنو على ولدها مهما يكن مسكنها من العرب و العجم و كل بنت تبكي على مفارقة أبويها اللذين ربياها حين يزفانها سواء إ في الغرب قضت نعومة أظفارها أم في الشرق، و كل إنسان يحمل في جنبيه فرعنة فرعون و عتو عاد و تجبر نمرود كما يحمل الخير، و كل نفس ملهومة فجورها و تقوها و هلم جرا.
و أهم هذه الثوابت كلها أن كل بشر فيه عطش لمعرفة نفسه و التماس عن مبدأه و معاده و تجسس لمقصود وجوده و إن غلب على هذا العطش نوازح أخرى في حالة من الحالات. و المصدران المعرفيان اللذان يعتادهما الإنسان هما: العقل و المشاهدة.
و لكل واحد منهما مجالهما كما أن كلا منهما ? يؤدي دوره إ? برفاق صاحبه فالعقل مثلا ? يقدر أن يدرك لون الجدار أمامه إ? أن تساعده العين و كذلك ليس في وسعه أن يقيس حرارة جسم إ? أن يزوده اللمس و الحواس كذلك تعجز في كثير من الحالات فمثلا هي ? تستطيع طاوية كشحها عن العقل أن تعرف هل لفلان أم؟ و تبقى صامتة أمام هذا السؤال فهنا يجيئ العقل مجيبا أن " لكل رجل في هذه الدنيا أم و عرفت ذلك بالاستقراء".
و لكن هذان المصدران ? يستطيعان اجتياز مجالهما و إن تعضدا و ? أن يخرجا مثلا بما يريده من الإنسان خالقه، هنالك جاء دور الوحي الذي يصل الإنسان بخالقه.
و الذين يجحدون وجود خالق لهذا الكون أو يدخلهم الشك فيه فلا طائل تحت مناقشتهم حديث الوحي، بل ? بد قبل كل شيء من إقناعهم بوجوده.
و يترشح مما سبق أنما تمس الحاجة إلى الوحي حيث يفشل العقل و الحواس، لذا ? يلزم أن يدرك العقل كل ماجاء به الوحي، و تسمى أمثال هذه الأمور التي ? ممر للعقل إليها هي "بما وراء العقل" و ? يعقل أن يطلق عليها بأنها مخالفة للعقل؛ لأن الخلاف في شيء إنما يتحقق بين عنصرين يصلح كل منهما لإدارك ذلك الأمر، و مثله كمثل وردة حساسة ? تدرك مشاعر الإنسان فهي تتفتح في حديقتها سواء أ حزنا كان صاحبها أم فرحا و ? يقال بسسب تفتحها:" إنها تكذب صاحبها يتحازن و تخالفه إن كان تظهر عليه ملامح الحزن؛ لما لو كان فرحا، أدركته".
نعم، إن للعقل دورا بل دوار كبيرا في تزويد الإنسان بالمعرفة ? يمكن إنكاره، و إنما المطلوب هو إتباع العقل الوحي إعطاء لكل شيء حقه و وضعا له في موضعه و أن نقدم ما حقه التقديم و نؤخر ما حقه التأخير. فنقول في النهاية: العقل و الحي يتظاهران؛ لأن العقل يبوح بعجزه فيما وراء ساحته و أن الوحي يقرر دور العقل حيث يعطيه حقه.
ـ[محمد مشرف اشرف]ــــــــ[06 - 01 - 2010, 07:39 ص]ـ
السلام عليمكم و رحمة الله و بركاته
من رجال القكر و الدعوة في شبه القارة شخصية لها تاثير في العالم الإسلامي و آثار جهده نفذت شبه القارة إلى عالم العرب، هي شخصية الإستاذ وحيد الدين خان، للشيخ - رحمه الله تعالى - مصنف بعنوان "منزل البشر" و جمع فيه مقالات حول فكر الإنسان من ناحية الفكر دون الدين فهذا المصنف لا يقتصر قراءه على المسلمين بل يعمهم و غيرهم. فقمت بتعريب مقالة منه. و هذه الترجمة ليست بلفظية، بل جربت فيها أول مرة ترجمة حرة حيث هضمت مغزى المقالة فكرا ثم كسوتها ثوب العربية بتعبيرات من نفسي دون رعاية أساليبأريدية اقتناها صاحب المقالة، و من باب الأمانة أن أوضح أني قدمت بعض ما أخره المصنف و أخرت بعض ما قدمه إلا أني لم أدخر جدها لأن لا تشوه هذه العملية للتقديم و التأخير مغزى المقالة و تعبر عن غير ما شاء مبدعها.
و ما قدمت هذه الترجمة إلا كجزء من محاولاتي لأن أجيد اللغة العربية كتابة و ترجمة فإني طالب للعلوم الشرعية و العربية. و إليكم المقالة المعربة:
"
¥