تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثمّ؛ اللسان العربي واللسان الفرنسي واللسان الإنجليزي وهكذا ... حتى كثرت الألسن وتعددت بتعدد مفردات اللغة التي لايمكن حصرها.

وعلى كل، فإن صبحي الصالح يأتي في نهاية فصله الأول ليقترح على الباحثين المعاصرين اعتماد مصطلح"فقه اللغة" مستندا إلى الحجة التي تقول:"كل علم لشيء هو فقه" وقد صدق، إذ ليس للغة علم واحد، بل علوم كثيرة نذكر منها علم الدلالة وعلم الصوت وعلم النحو وعلم الصرف وعلم العروض وعلم الخط ... ، وكل تضلع في ثنايا هذه العلوم يسمى فقهاً.

ومن هذا المحور إلى محور ثان، أسند إليه الدكتور الصالح مهمة البحث في "منهج فقه اللغة واستقلاله"، حيث تجده يأخذ بالأخير أخذا، حتى قال:"ومنهج فقه اللغة في البحث مستقل كل الاستقلال عن مناهج العلوم الأخرى" ص21. ولعل من العلوم التي يقصدها الدكتور هنا، الفلسفة التي تحيا بأفكار وميتافيزيقيا مطبوعة بالغيبيات والمنطق الصوري.

وإذا تنحينا جانبا عن كل المباحث التي ليست لها علاقةُ قرابة رحمية باللغة، فإننا نستطيع أن نعرف فقه اللغة –حسب الصالح - بأنه:" منهج للبحث استقرائي وصفي يُعرف به موطن اللغة الأول وفصيلتها وعلاقتها باللغات المجاورة أو البعيدة الشقيقة أو الأجنبية، وخصائص أصواتها، وأبنية مفرداتها وتراكيبها، وعناصر لهجاتها، وتطور دلالتها، ومدى نمائها قراءة وكتابة" ص22. من هذا التعريف إذن؛ يمكن القول بأن فقه اللغة فقه جامع يروم عناصر اللغة ككل فلا يتجاوز أو يغفل أو يلغي عنصرا من هذه العناصر التي تجمعها علوم ثلاثة هي: التاريخ وعلم الصوت وعلم الدلالة.

وحول هذه العلوم كثر التأليف وتعدد بين تأليف مختص وآخر مختلط، ولعل ما أنشده صاحبنا في المحور الثالث من الفصل أن يقتصر بحثه وتركيزه على المصنفات الأقرب إلى التعريف الذي منحه لفقه اللغة سلفا. وهكذا استعرض زمرة من الكتب والدراسات التي تنظر إلى فقه اللغة كمنهج مستقل استقلالا تاما. فاستهل هذه الكتب بكتاب "الاشتقاق في العربية" لأبي سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي (متوفى سنة 215ه)، ثم "الخصائص" لأبي الفتح عثمان بن جني وهو كتاب فيه من الغزارة المعرفية ما فيه، بدأها بالحديث عن أصل اللغة أهي إلهام أم اصطلاح، وأردفه بالبحث عن مقاييس العربية واطرادها وشذوذها وتصاقب ألفاظها لتصاقب معانيها وأمور عديدة لايسع المقام لسردها كلها. ومن الخصائص إلى "الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها" لأحمد بن فارس القزويني الذي ذهب إلى أن اللغة إلهام وتوقيف، مستدلا بقول الله تعالى:"وعلم آدم الأسماء كلها". على أنه ضمن –يقول الدكتور- كتابه هذا بعض المباحث الهامة حقا في فقه العربية، كخصائص هذه اللغة، واشتقاقها وقياسها، ومترادفها ومجازها .. ثم يأتي كتاب "فقه اللغة" للثعالبي؛ الذي وصف إسمه صاحبنا الدكتور صبحي الصالح كالثوب الفضفاض عليه، بدعوى أنه لم يضمنه إلا بعض المباحث القليلة المرتبطة بفقه اللغة كمنهج مستقل. ومن الكتب الأخرى التي ذكرها الفقيه الصالح كتاب "المخصص" لابن سيدة الأندلسي، وكتاب "المعرب من الكلام الأعجمي" للجواليقي وكتاب "المزهر في علوم اللغة وأنواعها" للسيوطي الذي عُدّ من أعظم الكتب قيمة علمية، ففيه تقرأ عن نشأة اللغات، وتداخلها وتوافقها، والمصنوع والفصيح، والحوشي والغريب، والنحت والتصحيف وغيرها من بحوث فقه اللغة.

ليكون الدكتور بهذا التعداد قد قدم- في نهاية الفصل الأول من أول باب - لائحة بأسماء أمهات كتب العربية التي اهتمت بشؤونها ودرست تشكيلاتها وبحثت في أصولها ونشأتها.

الفصل الثاني: فقه اللغة في كتبنا العربية القديمة

أما وإن ألقينا بوجوهنا شطر مضامين الفصل الثاني، فسنلفي خيرا كثيرا، ذلك أن الدكتور الصالح حاول جاهدا أن يُنشِّم في فقه اللغة القولَ من وجهة نظرِ خبيرة تتمثل في علماء العربية وفقهائها القدماء. ومنه تلحظ أن فقه اللغة قام ويقوم على منطق لم يفهمه فقهاء اللغة اليوم على حقيقته مثلما فهمه –يقول الدكتور- سلفنا الصالح من علمائنا الأولين، والمنطق هو قولهم:"إن وظيفة اللغوي هي وصف الحقائق لافرض القواعد" لذلك تجد أن منهج فقه اللغة بدأ مع العرب وصفيا استقرائيا، تقرر فيه الوقائع في ضوء النصوص كما تقررت فيه الوقائع في ضوء القرآن، لاتفرض على أحد ولايقضى بها على أحد. و"لكن هذا المنهج السليم سرعان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير