تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن ثم فليس غايتنا هنا أن نثبت الأصل العربي لثالوث جزيرة إليفانتين

التي تقع بالقرب من أسوان، وإنما غايتنا أن نؤكد أن لفظ (أُقنوم) الذي

استعاره شاول اليهودي وهو المعروف ببولس، وهو أول من تحدث عن الثالوث في

النصرانية بلا خلاف عند المحققين، أن نؤكد أن هذا الرجل اليهودي قد

استعار لفظ (أُقْنُوم) من اسم الأله المصري (خُنُوم) الذي عبد في مصر منذ

الأسرة الأولى أي قريباً من الألف الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث

بعد الميلاد، أما شاول اليهودي فقد كان وجوده التاريخي في القرن الميلادي

الأول، وقد قتله الرومان صلباً قريباً من سنة (65م).

-12 -

وما يفسر لنا سبب استعارة شاول اليهودي لاسم الإله المصري هو السطوة

القوية التي كانت لهذا المعبود في نفوس قدماء المصريين، فأراد شاول

بصنيعه هذا وهو استعارة الاسم أن يقرب الثالوث الذي صنعه إلى المصريين

حتى يقبلوه، واستعارة النصرانية لمعتقدات الآخرين وسلوكياتهم أمر معلوم

ومقرر عند الباحثين، فمن ذلك أن الكنيسة أباحت دم المخنوقة ودهن الخنزير

من أجل جذب القبائل الجرمانية الوثنية إليها.

-13 -

ولكن ما هي التغيرات التي جرت على (خُنُوم) بعد استعارته؟ لقد كان خُنُوم

أي (غُنُوم وهو رأس الغنم الكبير، والمراد به الكبش) لقد كان يرمز في

الثالوث المصري للإله الأب، أما (عَنْقِتْ) أي النعجة فقد كانت ترمز

للإلهة الأم، وأما (ساتِتْ) أي الشاة فقد كانت ترمز للإلهة الأبنة.

وهذا الثالوث المصري هو الثالوث الذي تأثر به شاول اليهودي غير أنه عند

تأثره به اقتصر على استعارة لفظ (خُنُوم) فقط، ثم أطلق هذا اللفظ على

عناصر ثالوثه فقال: خُنُوم الأب، وخنوم الأم، وخنوم الابن، أي: الكبش

الأب، والكبش الأم، والكبش الأبن.

وبعد، فإننا نستطيع أن نكتشف الآن سر وصف الابن في ثالوث شاول بأنه (حمل

وديع)؛ ذلك أن ما يتولد من الكبش والنعجة إذا كان أنثى يسمى شاة، أما إذا

كان المولود منهما ذكراً فإنه يسمى حملاً، ولما كان العنصر الثالث في

ثالوث شاول اليهود ابناً فقد وصف بالحَمَل الوديع، بينما وصفت المولودة

في ثالوث جزيرة سهيل بالشاة.

-14 -

ولكننا نعلم أن الثالوث الذي عليه الكنيسة اليوم يتكون من (الأب والابن

وروح القدس)، وليس يتكون من (الأب والأم والابن) فكيف حدث هذا التغيير؟

قلت: لقد حدث ذلك في سنة (381م) في مَجْمَع القسطنطينية وهو مجمع قرر فيه

القساوسة أن الروح القدس إله، وبدخول روح القدس إلى الثالوث بكونه هو

(الخنوم الثالث) خرج (خُنُوم الأم).

-15 -

ولكن لماذا خرج (خُنُوم الأم) وحل مكانه (خُنُوم روح القدس)؟

قلت: (يتبع / الأقنوم وشاول اليهودي: الجزء الثاني

15 -

ولكن لماذا خرج (خُنُوم الأم) وحل مكانه (خُنُوم روح القدس)؟

قلت: سبب ذلك أنه ميل للذكورية فثالوث جزيرة إليفانتين يتكون من ذكر هو

(خُنُوم أي الكبش) وانثيين هما (عنقت أي النعجة وساتت أي الشاة)، أما

ثالوث شاول اليهودي وهو الثالوث الأول في النصرانية فيتكون من ذكرين

وأنثى هم (خُنُوم الأب، وخنوم الابن، وخنوم الأم).

ثم حدث ميل للذكورية فخرج (خُنُوم الأم)، وحل مكانه (خُنُوم روح القدس)،

وذلك سنة (381م) كما سبق أن ذكرنا، فصار الثالوث يتكون من ثلاثة ذكور.

-16 -

ولكن لماذا مال القساوسة إلى الذكورية في ثالوثهم؟

إن السبب في ذلك أن القساوسة كانوا ينظرون إلى المرأة نظرية دونية

شيطانية، ومن ذلك نشأت عندهم الرهبانية التي نشأت أول من نشأت في مصر

موطن (الخنوم) ثم بلغت عزلتهم للنساء أن أخرجوا خُنُوم الأم من الثالوث

وأحلوا مكانها خُنُوم روح القدس.

-17 -

وبخروج خُنُوم الأم ودخول خُنُوم روح القدس إلى الثالوث وقع ما لم يكن في

الحسبان، لقد وقع أكبر خلاف في تاريخ الكنيسة، وهو الخلاف الذي انقسمت

على أثره الكنيسة إلى شرقية (أرثوذكس)، وغربية (كاثوليك) "وسبب الإنقسام

هو السؤال التالي: هل روح القدس منبثق عن الأب؟ وهو رأي الكنيسة الشرقية،

أم أن روح القدس منبثق عن الأب والابن معاً؟ وهو رأي الكنيسة الغربية" (

).

-18 -

وسبب الخلاف في هذه المسألة، أن من قال بانبثاق خنوم روح القدس من خنوم

الأب وخنوم الأبن احتج بأن الشىء المنبثق لا ينبثق إلا من اتحاد عنصرين،

لذلك لا بد أن يكون روح القدس قد انبثق من الأب والابن معاً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير