يقول أنت أعرف بمواقع الإساءة والإحسان من كل انسان لأنك فوق كل أحد بالعقل والإصابة في الأمور كما أنك فوقهم بالحال إذ كنت أميراً وبالنفس إذا كنت أعلاهم همةً وبالأصل إذ كنت من إصلٍ شريفٍ ومنصبٍ كريم
يدق على الأفكار ما أنت فاعلٌ فيترك ما يخفى ويوخذ ما بدا
يعني أن ما تبتدعه من المكارم يخفى على أفكار الشعراء فيذكرون ما ظهر منها ويتركون ما خفى وليس يريد أن المقتدين بك في المكارم يأخذون ما ظهر منك ويتركون ما خفى ولو أراد ذلك لما أتى بالأفكار ولقال يدق على الكرام قال ابن جنى هذا البيت مثل قول عمار الكلابي، ما كل قولي مشروحا لكم فخذوا، ما تعرفون وما لم تعرفوا فدعوا، وقال ابن فورجة عمار الكلابي محدث وقد أدرك زماننا وهو بجل بدوي أمي لحانة وهذا البيت من أبياتٍ أولها، ما ذا لقيت من المستعربين ومن، قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا، إن قلت قافيةً بكراً يكون لها، معنى خلاف الذي قاسوا وما ذرعوا، قالوا لحنت وهذا الحرف منخفض، وذاك نصب وهذا ليس يرتفع، وضربوا بين عبد الله واجتهدوا، وبين زيدٍ فطال الضرب والوجع، فقلت واحدةً فيها جوابهم، وكثرة القول بالإيجاز ينقطع، ما كل قولي مشروحا لكم فخذوا، ما تعرفون وما لم تعرفوا فدعوا، حتى يصير إلى القوم الذين غذوا، بما غذيت به والقول يجتمع، فيعرفوا منه معنى ما أفوه به، حتى كأني وهم في لفظه شرع، كم بين قومس قد احتالوا لمنطقم، وبين قومٍ على إعرابهم طبعوا، وبين قومٍ رأوا شيئا معاينةً، وبين قومٍ حكوا بعض الذي سمعوا، إني غذيت بأرض لا تشب بها، نار المجوس ولا تبني بها البيع، فنقله أبو الطيب إلى المدح وأقام دقة صنيعه في اقتناء المكارم مقام دقة معنى الشعر
أزل حسد الحساد عني بكبتهم فأنت الذي صيرتهم لي حسدا
أي أنت أنعمت عليّ النعم التي صرت بها محسودا وظهر لي حساد يحسدونني ويقصدونني بسوء فاكفني شرهم بأن تكبتم وتخزيهم بالأعراض عنهم ونهيهم عن اساءة القول فيّ ومعنى المصراع الثاني من قول أبي الجورية العبدي، فما زلت تعطيني وما لي حاسد، من الناس حتى صرت أرجى وأحسد، ثم تبعه الشعراء فقال بشار، صحبته في الملك أو سوقةٍ، فزاد في كثرة حسادي، وقال ابو نواس، دعيني أكثر حاسديك برحلةٍ، إلى بلدٍ فيه الخصيب أمير، وقال البحتري، وألبستني النعمى التي غيرت أخي، عليَّ فأضحى نازحَ الود أجنبا،
إذا شد زندي حسن رأيك في يدي ضربت بنصلٍ يقطع الهام مغمدا
إذا قوي ساعدي حسن رأيك قطع نصلي هام الأعداء وإن ضربت به وهو في غمده والمعنى أنك إذا كنت نحسن الرأي في لم أبال بالحساد وقليل من إنكارك عليهم يكفيني أمرهم
وما أنا إلا سمهري حملتهُ فزين معروضا وراع مسددا
يقول أنا لك كالرمح الذي إن حملته بالعرض زينك وكان زينا لك وإن حملته مسددا مهيأ للطعن راع أعداءك يعني أنا لك زين في السلم ورمح في عدوك أنافح عنك بلساني
وما الدهر إلا من رواة قلائدي إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
جعل شعره في حسنه كالقلائد التي يتقلد بها والمعنى أن أهل الدهر كلهم يروون شعري وينشدون وأخرج الكلام على الدهر تعظيما لشعره وهو يريد أهل الدهر
فسار به من لا يسير مشمراً وغنى به من لا يغني مغرداً
يعين أن شعره ينشط الكسلان إذا سمعه فيسير على سماع شعره مشمرا والذي لا يغني إذا سمع شعره طرب وغنى به مغردا والتغريد رفع الصوت للتطريب.
أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما بشعري أتاك المادحون مرددا
يقول إذا أنشدك شاعر شعرا بمدحك فأعطني فإن ذلك الذي أنشدت يأتيك المادحون فيأتونك بها كما قال بشار، إذا أنشد حماد فقل أحسن بشار، وكما قال أبو هفان، إذا أنشدكم شعراً فقولوا أحسن الناس، وقال أبو تمام في غير هذا المعنى، فمهما تكن من وقعةٍ بعد لا تكن سوى حسنٍ مما فعلت مردد،
ودع كل صوتٍ بعد صوتي فإنني أنا الصائح المحكيُّ والآخرُ الصدى
الصدى الصوت الذي يجيبك من الجبل كأنه يحكي قولك وصياحك وهذا مثل يقول شعري هو الأصل وغيره كالصدى يكون حكايةً لصياح الصائح وليس بأصلٍ أي فلا تبال شعر غيري
تركت السرى خلفي لمن قل مالهُ وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا
يقول بلغت بك إلى ما طلبت واتخذت لخيلي نعال الذهب من أنعامك عليّ وتركت السري لغيري من المقترين المقلين يسرون إليك كما سريت
وقيدت نفسي في ذراك محبةً ومن وجد الإنسان قيداً تقيدا
أقمت عندك حبا لك ثم بين سبب الإقامة بالمصراع الثاني وأن ذلك إحسانه إليه كما قال الطائي، وتركي سرعة الصدر اغتباطا، يدل على موافقة الورودِ، وكقوله أيضا، هممي معلقة عليك رقابها، مغلولةٌ إن الوفاء إسارُ،
إذا سأل الإنسان أيامه الغنى وكنت على بعد جعلتك موعداً
يقول إذا طلب الإنسان الغنى في دهره وعصره وكنت غائبا عنه فدهره يعده الإعطاء بعد رجوعك وحضورك إلى حضورك إلى مستقر عزك فإنه يغنيه بعد ذلك أي الدهر يحيل عليك من اقترح عليه الغني فيشير عليه باتيانك كما قال أبو تمام، شكوت إلى الزمان نول حالي، فارشدني إلى عبد الحميد، وجرى ذكر ما بين العرب والأكراد من الفضل فقال سيف الدولة ما تقول في هذا وتحكم يا أبا الطيب فقال
¥