[جبران خليل جبران (1)]
ـ[سيد يوسف]ــــــــ[03 - 12 - 2007, 03:01 م]ـ
[جبران خليل جبران (1)]
تعريف ونماذج من نثره
سيد يوسف
"من يستطيع أن يفصل إيمانه عن أعماله، وعقيدته عن مهنته؟ "،
"أو ليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها؟ ".
تمهيد
ولد جبران خليل جبران فى بشري في 6 كانون الثاني 1883 بلبنان و ينحدر من أسرة سورية الأصل و تفتح وجدانه وخياله فيها ثم انتقل إلى (بوسطن) (1895 - 1898) التي كانت تشهد -آنذاك- نهضة فكرية, وعاد إلى (بيروت) (1898 - 1902) ليعيش نكبات شرقه وتخلّفه, بينما كان يستزيد من تعلم العربية في بلاده.
ثم إلى (بوسطن) ثانية (1902 - 1908) ليعيش تجربة الموت الذي حصد أسرته (1902 - 1904) , ثم إلى (باريس) (1908 - 1910) ليسبر عمق التحول الثقافي والفني الذي كانت تشهده، وبعدها (نيويورك) (1911 - 1913) حيث يدرك معنى المدينة الحديثة.
ويتنقل فى بلداننا العربية حيث مصر وفلسطين وسورية (1903) وتجذبه روما ولندن; فيقرأ فيهما نموّ الوعي الخلاّق في رحم التاريخ.
أوّل مقال نشره كان بعنوان (رؤيا) , وأول معرض للوحاته (1904) ثم يأخذ فى إنتاجه الأدبي حيث مؤلفه (النبي) ويترجم بعدة لغات يقال إنها وصلت إلى 28 لغة ... فضلا عن أعماله التشكيلية التي يقتنيها عدد من أهم متاحف العالم.
من كتبه
(نبذة في الموسيقى1906)، (عرائس المروج1906) ,و (الأرواح المتمردة1908)، و (الأجنحة المتكسرة1912)،ومقالات (دمعة وابتسامة1914)، (المواكب1919).
مقالات وأقصوصات وقصائد (العواصف1920)، و (البدائع والطرائف1923)، وفي كتابه بالإنجليزية (آلهة الأرض1931)، (المجنون1918) , (السابق 1920)، و (التائه1923).
وله مجموعة كتب رائعة تتضمن خلاصات تجاربه وتأمله فى الحياة, والإنسان, والكون والعلاقات المتسامية. ومنها:
(النبي 1923) وهذا الكتاب يختصر بالفعل فلسفة جبران ونظرته إلى الكون والحياة، (يسوع ابن الإنسان1928)، (حديقة النبي1933).
حدث من النشأة
تركت أمه بصمات عميقة في شخصيته، ولم يفته أن يشيد بها في "الأجنحة المتكسرة": "إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة "الأم"، وأجمل مناداة هي "يا أمي". كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة. الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذي يفقد أمه يفقد صدراً يسند إليه رأسه ويداً تباركه وعيناً تحرسه ... ".
رائعة جبران الكبيرة .. النبي
سنة 1923 ظهر كتابه (النبي) و في عام 1996، بيعت من هذا الكتاب الرائع، في الولايات المتحدة وحدها (9) ملايين نسخة. وترجم إلى أكثر من أربعين لغة كان آخرها اللغة الصينية،حمل جبران بذور هذا الكتاب في كيانه منذ طفولته، وكان قد غير عنوانه أربع مرات قبل أن يبدأ بكتابته.
وكتاب "النبي" كتاب شبيه بالكتاب المقدس وبالأناجيل من حيث أسلوبه وبنيته ونغمية جمله، وهو غني بالصور البلاغية، والكتاب شبيه بكتاب و"هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه .... ومن المؤكد أن جبران قرأ كتاب المفكر الألماني، وثمّنه ... حيث اختار كلاهما حكيماً ليكون لسان حاله ... فالموضوعات التي تطرقا إليها في كتابيهما متشابهة أحياناً: الزواج، والأبناء، والصداقة، والحرية، والموت ...
نماذج من كتاب النبى
فى حديثه عن العطاء
(إنك إذا أعطيت فإنما تعطي القليل من ثروتك و لكن لا قيمة لما تعطيه ما لم يكن جزءاً من ذاتك لأنه أي شيء هي ثروتك ألبست مادة فانية تخزنها في خزائنك و تحافظ عليها جهدك خوفا من أن تحتاج إليها غدا؟
و الغد , ماذا يستطيع الغد أن يقدم للكلب البالغ فطنة الذي يطمر العظام في الرمال غير المطروقة و هو يتبع الحجاج إلى المدينة المقدسة؟ أو ليس الخوف هو الحاجة هو الحاجة بعينها؟ أو ليس الظمأ الشديد للماء عندما تكون بئر الظامئ ملآنة هو العطش الذي لا تروى غلته؟
من الناس من يعطون قليلاً من الكثير عندهم وهم يعطونه لأجل الشهرة و رغبتهم الخفية في الشهرة الباطلة تضيع الفائدة من عطاياهم .. ومنهم من يملكون قليلاً و يعطونه بأسره
ومنهم المؤمنون بالحياة و بسخاء الحياة هؤلاء لا تفرغ صناديقهم و خزائنهم ممتلئة أبدا
¥