[ابن المقفع (1)]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 12 - 2007, 01:22 ص]ـ
يعتبر ابن المقفع في مقدمة النقلة الفُرس، وأغزرهم معرفة واكثرهم ترجمة، كما تعتبر ترجماته أبقى ما نقل عن الفارسية، وأحسنها أسلوباً، وأنقاها عبارة، لأنه كان من أبرز الأعاجم في حذقه لغة العرب، وغلمامه بأصول الكتابة فيها.
وهنا أنقل ما جاء على لسان ابن المقفع في " الأدب الصغير" يقول: وقد بقيتْ أشياء من لطائف الأمور فيها مواضع لصغار الفطن مشتقة من جِسام حكم الأولين، وقولهم ومن ذلك بعض ما أنا كاتب في كتابي هذا من أبواب الأدب التي يحتاج إليها الناس.
حق على العاقل أن يتخذ مرآتين، فينظر من إحداهما في مساوئ نفسه فيتصاغر بها ويصلح ما استطاع منها، وينظر في الأخرى في محاسن الناسِ، فيحليهم (يزينهم) بها ويأخذ ما استطاع منها.
....................
وعلى العاقل أن يذكر الموتَ في كل يومٍ وليلةٍ مراراً، ذكراً يباشر به القلوبَ ويقدعُ الطماح (يكف النفس)، فإن في كثرةِ ذكر الموتِ عصمةً من الأشرِ، وأماناً بإذن الله، من الهلعِ.
.............................
وعلى العاقلِ أن لا يحزن على شيءٍ فاتهُ من الدنيا أو تولى، وأن ينزلَ ما أصابهُ من ذلك ثم انقطعَ عنهُ منزلةَ ما لم يصب، وينزل ما طلبَ من ذلك ثم لم يدركهُ منزلة ما لم يطلب، ولا يدع حظهُ من السرورِ بما أقبل منها، ولا يبلغن ذلك سُكراً ولا طغياناً، فإن مع السكر النسيانَ، ومع الطغيانِ التهاونَ، ومن نسي وتهاون خسر.
...................
أشد الفاقةِ عدمُ العقلِ، وأشدّ الوحدةِ وحدةُ اللجوجِ (الشديد الخصومة)، ولا مال أفضلُ من العقلِ، ولا أنيس آنسُ من الاستشارةِ.
.....................
مما يعتبرُ به صلاحُ الصالحِ وحسنُ نظرهِ للناسِ أن يكونَ إذا استعتبَ المذنبُ ستُوراً لا يشيعُ ولا يذيعُ، وإذا استشيرَ سمحاً بالنصيحةِ مُجتهداً للرأي، وإذا استشارَ مطروحاً للحياء منفذاً للحزمِ معترفاً للحقّ.
..............
كلامُ اللبيبِ (العاقل)، وإن كان نزراً (قليل)، أدبٌ عظيمٌ، ومقارفةُ المأثم، وإن كان محتقراً، مصيبةٌ جليلةٌ. ولقاءُ الإخوانِ، وإن كان يسيراً، غنم (الربح) حسنٌ.
...
أفضلُ ما يُورثُ الآباءُ الأبناء، الثناءُ الحسنُ والأدبُ النافعُ والإخوانُ الصالحون.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[04 - 12 - 2007, 10:43 ص]ـ
بوركت أخي محمد على هذا الجهد وتسليطك الضوء على على ائمة الأدب الراقي في امتنا.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[05 - 12 - 2007, 12:57 ص]ـ
جزيت خيرا يا أستاذ محمد سعد
لعلك تفيدنا وتدلنا عن أوفى كتب التراجم عن هذه الشخصية الغامضة بحق.
شكرا لك
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 12 - 2007, 01:12 ص]ـ
من الكتب التي تناولت جزءاً من حياة ابن المقفع:
الجهشياري: الوزراء والكتاب
الأصفهاني: محاضرات الأدباء
بطرس البستاني: ادباء العرب في الأعصر العباسية
ابن خلكان: وفيات الأعيان
ـ[محمد سعد]ــــــــ[06 - 12 - 2007, 01:16 ص]ـ
العُجب آفةُ العقل، واللجاجةُ (الإلحاح) قُعودُ الهوى، والبُخل لقاحُ الحرصِ، والمراءُ (الجدال) فسادُ اللسانِ، والحميةُ سببُ الجهلِ، والأنفُ (العزة) توأمُ السفهِ، والمنافسة أختُ العداوةِ.
...
لا تؤدي التوبةُ أحداً إلى النار، ولا الإصرارُ على الذنوبِ أحداً إلى الجنةِ.
...
من أفضل البر (الصلاح) ثلاث خصالٍ: الصدقُ في الغضبِ، والجودُ في العسرةِ، والعفو عند القدرةِ.
...
من علاماتِ اللئيم المخادعِ أن يكون حسن القولِ، سيء الفعلِ، بعيد الغضب، قريب الحسد، حمولاً للفحشِ، محازياً بالحقد، متكلفاً للجود، صغير الخطر (الشأن والمنزلة)، متوسعاً فيما ليس لهُ، ضيقاً فيما يملكُ.
...
الورعُ لا يخدعُ، والأريبُ لا يخدعُ.
ومن ورعِ الرجلِ أن لا يقولَ ما لا يعلمُ، ومن الإربِ أن يتشبت فيما يعلمُ.
...
لا ينفع العقلُ بغير ورعٍ، ولا الحفظُ بغيرِ عقلٍ، ولا شدةُ البطشِ بغير شدة القلب، ولا الجمالُ بغيرِ حلاوةٍ، ولا الحسبُ بغير أدبٍ، ولا السرورُ بغير أمنٍ، ولا الغنى بغير جُودٍ، ولا المروءةُ بغير تواضعٍ، ولا الخفض (السهولة) بغير كفايةٍ، ولا الاجتهادُ بغير توفيقٍ.
...
من أشد عيوبِ الإنسانِ خفاءً عيوبهُ عليه. فإن من خفي عليه عيبه خفيت عليه محاسنُ غيره، ومن خفي عليه عيبُ نفسه ومحاسنُ غيرهِ فلن يقلعَ عن عيبهِ الذي لا يعرفُ ولن ينال محاسنَ غيرهِ التي لا يبصرُ أبداً.