تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نقد ابن الخشاب لمقامات الحريري الأدبية.]

ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[05 - 11 - 2007, 08:36 ص]ـ

نقد ابن الخشاب لمقامات الحريري الأدبية

الدكتور خالد كبير علال- الجزائر- ( http://www.saaid.net/Minute/230.htm)

صنف الأديب أبو محمد القاسم بن علي الحريري البصري (ت 516ه/1222م) خمسين مقامة [1]، أولها المقامة الصنعانية،و آخرها البصرة [2]. سار فيها على طريقة منشئ المقامات بديع الزمن الهمذاني (ت398 ه/1007م)، فنالت إعجاب أدباء عصره، وشهدوا لمصنفها بالبراعة الفائقة في الصياغة اللفظية؛ لكن الأديب أبا محمد ابن الخشاب البغدادي الحنبلي (ت567 ه/1171م) كان في مقدمة الناقدين له، و ردّ عليه في كتابه: الاعتراض على الحريري، فجاء النحوي عبد الله بن بري المصري (ت582 ه/1186م)، و انتصر للحريري، من ابن الخشاب، في مصنفه: الانتصار للحريري. فما هي انتقادات ابن الخشاب؟ و ما هي ردود ابن بري عليها؟.

أولا: انتقادات ابن الخشاب لمقامات الحريري و رد ابن بري عليها:

انتقد أبو محمد بن الخشاب (ت567 ه/1171م)، أبا محمد بن الحريري في أكثر من تسعة و خمسين موضعا من مقاماته، و عدّ ذلك قليلا مقابل كثرة صوابه، و الكامل من عدت سقطاته،و الفاضل من أحصيت هفواته [3]. و تعجب من أهل اللغة و الأدب في بغداد، من أنهم عندما قرأ عليهم ابن الحريري مقاماته في سنة504 ه/1110م، لم يبتعلقوا عليه فيها إلا بلفظة واحدة نازعوه فيها،و خرجوا معه على السواء، لأنها وقعت في كتب الأدب على خلاف فيها، هي: ((النهار فرخ الحبارى)) [4] و ((الليل فرخ الكروان)) [5]،و هذا هو المشهور و في بعض مصنفات اللغة أن الليل هو كذلك: فرخ الحبارى. [6] ثم أشار ابن الخشاب إلى أن الحريري أمضى وقتا طويلا من عمره في اختيار ألفاظه، خطف أكثرها من جوامع يدل وصوله إليها على براعته، لكنه لم يكن مدفوعا عن فطنة ثاقبة، وغريزة في التلفيق مطاوعة مجاوبة، كما أنه أخذ مواضع من غيره و استعان بها، و أنحى عليها و غصبها [7].

و في مقامات الحريري مواضع ظاهرة الضعف، انتقدها ابن الخشاب زادت عن ثلاث عشر موضعا [8]، سكت عنها ابن بري و لم يعلق عليها بشيء، وهو المتحمس للرد على ابن الخشاب،و الانتصار للحريري. و كان عليه أن يبدي فيها رأيه و لا يسكت عنها، لأنه في صدد الرد عليها ن أذكر منها سبعة كأمثلة؛ أولها أن ابن الخشاب أشار إلى أن الحريري قال في مقدمة مقاماته: ((و نعوذ بك من شره اللّسن [9]،و فضول الهذر، كما نعوذ بك من معرة اللّكن و فضوح الحصر [10]))، و هذا الكلام هو ((بعينه في كتاب البين و التبيين لأبي عثمان عمرو بن يحي المعروف بالجاحظ)) [11].و قد رجعت إلى البيان و التبيين فوجدت المعنى متقاربا، لكنه ليس نقلا حرفيا، يقول فيه الجاحظ (ت250 ه/864م): ((و نعوذ بك من السلاطة و الهذر، كما نعوذ بك من العي و الحصر)) [12].

و الثاني هو قول الحريري في المقامة الخامسة: ((قبيل انتيابكم و مصيري إلى بابكم))، يرى فيه ابن الخشاب أنه ((ليس هذا موضع استعمال الانتياب، لأن الانتياب معاودة الشيء مرة بعد مرة ن ومنه سميت النحل نوبا، لانتيابها مواضع تعسّلها، و هو مباتها. و الانتياب افتعال من النوبة، و هو لم يأتهم في هذا الموضع مرة أخرى، و لا كثر انتيابه، فلا معنى له في استعمال الانتياب،إلا أنه ساقه إلى استعماله السجعة [13]، فلا عذر له في ذلك)) و لا معنى لاستعمال الانتياب، لأنه ظاهر الفساد لمباعدته الصواب [14].و قول الحريري لا يصح، لأن الانتياب هو القيام بالفعل مرة بعد مرة، و هو قد استخدمه للتعبير عنه مرة واحدة، لذا فإن ابن الخشاب مصيب عندما خطأه في هذه المسألة [15].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير