تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مصادر الشعر الجاهلي]

ـ[د. منذر عمران الزاوي]ــــــــ[20 - 11 - 2007, 01:20 ص]ـ

[مصادر الشعر الجاهلي]

ان ماوصلنا من التراث الادبي الجاهلي الصحيح الموثوق من شعر وخطب وحكمة قليل بسبب غياب التدوين في ذلك الوقت ولو كان التدوين حاضرا وقتها لأتانا كم هائل من الادب الذي ضاع معظمه وان ماوصلنا لايمكن الجزم بانه صحيح لالبس فيه أو انه لم يتعرض للاضافات والزيادات على مر الزمن فكتب الشعر والدواوين لم تظهر في ايدي الناس الا بعد مرور قرن ونصف على تدوين القرآن الكريم , وكانت محاضرات سمعها الرواة من شيوخ الادب او نسبوها اليهم , ولكن لايمكن الانجراف وراء الرأي القائل ان الادب الجاهلي غير صحيح جملة فقسم منه لو اسقطناه على البيئة الجاهلية وعلى المجتمع الجاهلي وعلى الاسلوب الجاهلي لتطابق مع العقلية الجاهلية ومع طريقة التفكير لديهم.

ويعترض آخرون قائلين ان التدوين وجد منذ العصر الجاهلي لكنه لم يثبت امام النقل الشفاهي للشعر , ويعود هؤلاء الى قصة صحيفة لقمان التي قدمها سويد بن الصامت الى رسول الله (ص) , واحتجوا بالمعلقات التي كتبت بماء الذهب وعلقت على جدران الكعبة رغم ان ابن النحاس (القرن الرابع الهجري) انكر تسمية المعلقات وشك في ان تكون علقت على جدران الكعبة وسماها بالقصائد الطوال , وهم يذكرون اسماء من عرف الكتابة وقتها من أمثال عبد الله بن رواحة , والنابغة الذبياني , ولقيط بن يعمر الايادي الذي كان كاتبا في بلاط الفرس , وكذلك اسماء من تعلم الخط والنقش في مدارس الحيرة كالمرقش وحرملة.

ونشأ خلاف في الرأي حول موثوقية ماانتقل الينا من التراث الجاهلي ولكن من الثابت ان الرواة هم من نقل الشعر الجاهلي عبر العصور وليس المدوّنات وانتقلت النصوص في صدور الناس عبر العصور حتى بدأت مرحلة التدوين الحقيقي في العصر العباسي الاول فأخذ المدوّنون يحققون النصوص ويفسرون غريب متونها واهتموا بالاسانيد نتيجة تأثرهم برواية الحديث الشريف وتدوينه , ولك تكن الاسانيد بحد ذاتها مريحة للقارئ النهم فقد كانت تربك النص وتزيد حجم الكتاب فلو حذفنا اسانيد كتاب الاغاني مثلا لخف حجم الكتاب الى النصف.

ومايهمنا هنا هو انه بعد عصر التدوين وانتشار الكتب وتداولها ظهر ما يمكن ان نسميه مصادر الشعر الجاهلي التي لايمكن ان يستغني عنها من يشتغل في هذا الاتجاه , وقد أمكن بعد ظهور هذا الكم الهائل من المراجع والبحوث والدواوين تصنيف مراجع الادب الجاهلي الى خمس زمر هي:

1 – دواوين الشعراء: دونت نتف منها في الجاهلية ودون جزء آخر في صدر الاسلام ولم يكن ممكنا تداولها بين الناس والاطمئنان اليها الا بعد موافقة شفوية من الطبقة الاولى من الرواة الذين توزعوا على مدرستي الكوفة والبصرة ورغم الخلاف بين المدرستين الا ان ذلك قيض ظهور دواوين امرئ القيس , وزهير وعلقمة الفحل وعنترة وغيرهم , وجاء بعدهم جيل من الرواة كونوا مدرسة بغداد فأخذوا من كلا المدرستين ووثقوا النص أكثر من السابق.

2 – دواوين القبائل: وهي دواوين تضم اشعارا لقبائل بعينها بحيث يختص كل ديوان بقبيلة وشعرائها , وعندما صنف الرواة مجموعاتهم تلك التي قارب عددها ستين مجموعة وفق مانقله الآمدي عادوا الى كتب القبائل وكان لكل قبيلة نوع من السجل اطلق عليه تجاوزا اسم كتاب فيه جمع لمفاخر القبيلة ووقائعها وابطالها , وافادهم تجميع شعر قبيلة بعينها في التعرف على لهجة هذه القبيلة ومواصفات لغتها , واشهر من تحمل هذا العبء ابو سعيد السكري , وابو عمرو الشيباني , وقد بدأ هذا التجميع بعد الهجرة بثلاثة قرون.

ورغم ان ابن النديم ذكر اسم اكثر من عشرين مجموعة صنفها ابو سعيد السكري الا ان ماوصلنا هو فقط ديوان قبيلة هذيل , ولنا ان نأسف على هذا الكم الكبير من التراث والمدونات التي ضاعت.

3 – المجموعات الشعرية: بدأت المجموعات الشعرية بالمعلقات السبع ثم العشر وظهرت الشروح لها وجاء جيل جديد من المجموعات الشعرية التي كانت أضاميم من القصائد والاشعار والمقطعات التي اختارها ذوق جامع المجموعة بلا رابط يؤلف بينها , واشهر تلك المجموعات المفضليات , والاصمعيات , ودواوين الحماسة (حماسات ابي تمام والبحتري والعبيدي .. الخ) , وجمهرة اشعار العرب للقرشي.

4 – كتب النحو واللغة: ومنها كتاب سيبويه وماتضمنه من شواهد في الشعر الجاهلي , وكتاب اصلاح المنطق لابن السكيت , وكتاب تهذيب الالفاظ , وهي كتب عجب بشواهد الشعر الجاهلي والخطب والنصوص النثرية لاثبات الآراء النحوية والفصل في المسائل اللغوية المعقدة وقد تعب مؤلفو تلك الكتب في جمع هذه الاشعار وتبويبها وايراد كل شاهد في مكانه , ولكن اول كتاب يصلنا يحمل مفهوم النقد الممنهج هو كتاب طبقات الشعراء لابن سلام الجمحي , ورغم ان النقد الادبي في تلك المرحلة كان لايزال يحبوا إلا ان كثيرا من الآراء الصائبة التي قدمها المؤلف تشير الى انه اسس لنوع جديد من التأليف عمد بعده كثيرون الى تقليده.

5 - كتب التاريخ والادب: ومنها كتب السير والمغازي وأيام العرب والتاريخ وكتب الادب والامثال , وقد استشهد مؤلفوها بكثير من الشعر الجاهلي لاثبات الوقائع واضفاء الجو القصصي المثير على الرواية فضلا عن توثيقها بما لايحمل مجالا للشك في صحتها , وتحفل هذه الكتب بنصوص نادرة من خطب وقصص وأمثال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير