الذي ارسى قواعده الاسلام.
في هذا العصر تغلبت الرواية الدينية على الرواية الادبية الشعرية واكتسبت في نفوس الناس قيمة لاتدانيها قيمة وهل ثمة أشرف من نقل أحاديث سيد الخلق محمد (ص) لكن الرواية الادبية رغم تراجعها بقيت الى حد ما قوية ومتماسكة واستمرت رواية التراث الادبي الموروث المنقول من شعر وادب وانساب ولم تتوقف خلال فترة نزاع المسلمين مع المشركين بل حرص المسلمون على استعادة جزء من قصص التراث الجاهلي الحامل للقيم النبيلة والاحتفاظ به.
بقيت الرواية في هذا العصر رهنا بذاكرة الحفاظ فالتدوين لم يكن بعد قد ظهر بقوة , واسباب ذلك كثيرة منها قلة العارفين بالقراءة والكتابة وقلة وسائل الكتابة وغلاء اثمانها , ولذلك ذهب العصر وذهب معه كثير من الكنوز غير المدونة , وكلمة ابي عمرو بن العلاء معروفة: "ماانتهى اليكم مما قالت العرب الا اقله ولوجاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير".
كان ظهور التدوين ثورة تماثل في قيمتها ثورة اختراع الطباعة في العصر الحديث فقد انتشرت الكتابة وبدا تدوين العلوم الفقهية والادبية.
كان التدوين معروفا على نطاق ضيق في الجاهلية لاسباب ذكرناها آنفا , واقتصر على كتابة الصكوك والانساب , ومنقولات عن التوراة والحكمة , وقد نقلت الينا الكتب أخبارا عن صحيفة لقمان التي عرضت على رسول الله (ص) , وقد فتح تدوين القرآن وتدوين النحو الطريق أمام ثورة التدوين والكتابة وبصّر الناس بالحاجة اليها لأن الناس ليسوا كلهم على سوية واحدة من الذاكرة والحفظ والاستيعاب , ولايمكن الاعتماد على توفر الحفاظ في أي وقت كما ان الاثر المكتوب يبقى ويتوارثه الناس.
عند انتهاء العصر الراشدي انتشر التدوين وتوسعت آفاق الكتابة وبدأت تظهر بعض المكتبات الخاصة و في تلك المرحلة ارتقت الرواية الشفاهية المنقولة وأخذت شكلها الجديد المتمازج مع التدوين وأخذ الحفاظ الرواة يكتبون محفوظاتهم وبدأت تظهر دواوين للشعراء الجاهليين المعروفين كامرئ القيس والنابغة وزهير , واختطت الرواية طريقها العلمي الجديد فقد استفادت من رواية الحديث في العناية بالسند لنفي النحل والوضع , وقررعلماء الحديث الشريف الاهتمام برواية الأدب والمغازي والسيرة وحجتهم في ذلك استعانتهم بالادب لتفسير المتشابه والغريب من القرآن , ونشأت رابطة لاينفصم عراها بين الاسلام والادب وبين الاسلام والعروبة.
كان الشعبي و حماد الراوية وابو عمرو بن العلاء من مشاهير رواة العصر الذين تخصصوا برواية الادب واعتمدوها حرفة وصناعة علمية مدعمة بالسند والاثبات ونتيجة لذلك خف النحل في الادب وظهر رواة من نوع جديد استطاعوا بمحاكماتهم العلمية تكوين نوع من الاتجاه النقدي الذي فصل الزائد عن الاصل في بعض آثار التراث الادبي , وخلف هؤلاء في رواية الادب الاصمعي وابوعبيدة وآخرون , ويعتقد ان مصطلح الراوية قد أطلق على المشتغل بصناعة الادب في مرحلة العصر الاموي ولم تكن هذه التسمية متداولة في العصر الجاهلي.
بقيت تسمية الراوية في العصر الاموي تطلق على الرواة المعروفين رغم انهم بدؤوا في مرحلة جديدة من صناعتهم هي مرحلة التصنيف والتأليف الا ان تصانيفهم بقيت تدور حول ماجمعوه أو حفظوه من شعر وغريب ورغم انهم اصبحوا اساتذة في فنهم الا انهم لم يشقوا طريقا مستقلا في الادب او تخصصا في فرع من فروعه بل كانوا أقرب الى المثقف الجامع منهم الى المختص المتبحر , ولم تتفرع الرواية وتتشعب الا بعد ظهور المناظرات والنقاشات في اللغة والنحو وتفشي اللحن وتداخل الاعراق ,ولكن ذلك كله لم يستطع ان يزيح الوضاعين النحالين من رواة الادب فهم موجودن في كل عصر وزمان
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[08 - 11 - 2007, 07:29 م]ـ
جهد مميز تشكر عليه د. الزاوي فبارك الله لك.
ـ[د. منذر عمران الزاوي]ــــــــ[08 - 11 - 2007, 09:04 م]ـ
حداكم للزيارة أي فضل ..... كريم رنّ منه الخافقان
فكم لك من يد سلفت ولطف ..... يخلفني ثقيل الظهر حاني
شكرا ياأخ أحمد الغنام على المرور