تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ـ[د. منذر عمران الزاوي]ــــــــ[26 - 11 - 2007, 12:08 ص]ـ

أخي الكريم رعد

يشرفني مرورك وتكرمك بقراءة الموضوع

ان الشعر مثله مثل الفنون الاخرى حاجة انسانية وجدانية لايتميز بها شعب عن آخر وجميع الشعوب الحت عليها في مرحلة ما من تاريخها حاجة استخدام الشعر كوسيلة راقية من وسائل التعبيروبدأ الشعر يرتقي مع حاجاتها حتى وصل الى مرتبته المتطورة التي نعرفها , ولايتميز الشعب العربي عن الشعوب الاخرى من هذه الناحية.

أما من ناحية الشكل فلابد ان الشعر العربي يتميز عن غيره وأضرب مثالا على ذلك في النبات فالنبت الذي ينمو في منطقة قد لاينمو في منطقة أخرى وأقصد في ذلك ان البيئة المحيطة والظروف الحياتية والتجربة الانسانية لدى العرب هي غيرها لدى شعوب الارض الاخرى وهنا تكمن الخصوصية فجميع تلك الظروف مجتمعة تضافرت وتواثقت واختلطت كي تقدم نموذجا خاصا من الادب والشعر يفهمه اصحاب هذه البيئة بالتحديد ويعبرعن قيمهم الجمالية ومفهومهم عن الجمال وطريقة الحياة لديهم وحدث ذلك تماما لدى الشعب الالماني والفرنسي والانكليزي.

ان للشعر العربي خصائص تميزه عن غيره لأن التجربة الانسانية التي نشأ عنها هذا الشعر لها مميزات وخصائص تختلف عن التجربة الانسانية التي نشأ عنها الشعر الانكليزي مثلا فالعرب لم يفهموا على سبيل المثال شعر الملاحم عند ترجمتهم لكتاب فن الشعر لارسطو والسبب هو نشوء شعر الملاحم في بيئة حضارية مختلفة عن البيئة الحضارية العربية حتى لو كان يعبر عن حاجة انسانية.

ان المميزات التي اكتسبها الشعر العربي لم تأت في يوم وليلة فهي رحلة طويلة من المعاناة بدأت مع العربي الذي كان يحدو جمله مترنما في الصحراء ولازالت مستمرة الى وقتنا هذا , وسوف ابين عبر سلسلة "كيف نشأ الشعر" منشأ وخصائص ومميزات الشعر العربي واختلافه عن غيره.

واسوق اليك هنا مثلا بسيطا فعندما نقول "الشعر العمودي" الا توحي الينا هذه الكلمة بالشموخ أو ان الشعر يقف بفروسية وعنفوان كالعمود بغض النظر عن ان الكلمة بحد ذاتها تعني الوزن والقافية والانتظام , ولو وقفنا قليلا عند كثير من التسميات القديمة للاحظنا أثر البيئة القبلية الجاهلية عليها.

وللحديث بقية

ـ[ابو وميض]ــــــــ[26 - 11 - 2007, 11:05 م]ـ

بارك الله فيك على الطرح العالي والمفيد

تحيتي ومودتي

ابو وميض

ـ[ممراح]ــــــــ[26 - 11 - 2007, 11:37 م]ـ

موضوع جميل ..

الآن .. كلنا يعرف كيف انتقل الشعر عند العرب ...

لكن أخي .. لو تخبرني عن الأغريق .. خاصة أنهم في بعض مجالات الشعر سبقوا العرب ... هل أشعارهم القديمة محفوظة الى الآن .. كما العرب؟؟

مع الشكر الجزيل ..

ـ[د. منذر عمران الزاوي]ــــــــ[27 - 11 - 2007, 01:55 م]ـ

مرحبا اخت ممراح واشكر لك مرورك وسؤالك.

ان اوا ماوصلنا من الادب اليوناني هو شعر الملاحم مثل الالياذة والادوديسة لهوميروس اللتان تتحدثان عن حرب طروادة (12قرنا قبل الميلاد) ومصائر ابطالها واذا كان ماوصلنا صحيحا فهو يدل على ان الاغريق كانوا أكثر قدرة من العرب على حفط التراث الشفوي المنقول لانهم غنوا هذه الملاحم غناء وانتقلت الالحان الملاحمية عبر الاجيال دون ان تنسى , واستخدمت في غنائها آلة شهيرة تسمى القيثارة (هي التي عزف عليها نيرون عندما حرق روما) , وكان ينقل هذا التراث الشفوي العظيم شعراء غنائيون جوالون توارثوا الالحان من جيل الى جيل , وان بقاء شعر الملاحم الى يومنا هذا دليل على عناية الاغريق بالتدوين في مراحل مبكرة وقد سبقوا العرب في ذلك.

لم يحب العرب شعر الملاحم لانه كان مرتبطا باساطير خرافية وهو في جزء منه صراع الانسان مع الالهة أما السبب الاهم في ذلك فهو ان الملاحم نشأت في بيئة مختلفة تماما عن البيئة العربية الصحراوية.

تطور شعر الملاحم من قصائد طويلة جدا الى مقطعات يسهل غناؤها وبدأت في مخاطبة العاطفة الانسانية أكثر من ترويجها للمثل والفكر الفلسفي , وان شعراء من أمثال سافو وبندار خلدهم الزمن لانهم أول من اخترع الكورال.

وصل تطور الشعر الاغريقي الى قمته في القرن الخامس قبل الميلاد وصاحب هذا التطور تطور في الفنون الاخرى كالعمارة والنحت والرسم , وفي هذا الجو الحضاري ظهرت المسرحيات الشعرية التي يعتبر الاغريق أول من أسس لها وأرسى دعائمها , وظهرت فنون من المسرحيات الشعرية كالمأساة (التراجيديا) والملهاة (الكوميديا) ركزت على النقد الاجتماعي والسياسي حتى ان بعض ملوك الاغريق منع عرض المسرحيات التي كانت تنتقد نظام حكمه.

يعزى انتشار الشعر الاغريقي بهذا الشكل الى فتوحات الاسكندر المقدوني الذي اثرفي نقل مركز الثقافة الى الاسكندرية بدلا من أثينا.

عندما بدأت الفتوحات الرومانية بدأ التنافس بين الثقافتين الاغريقية والرومانية وبدأت الثقافة الاغريقية تتراجع ولو الى حين.

من هذه المقدمة التاريخية البسيطة يتبين لنا ان العرب سلكوا مسلكا مختلفا في شعرهم أو على الاقل ذلك الشعر الذي نشأ في البيئة الصحراوية البدوية التي لايمكن ان ينشأ فيها شعر ملاحم , ولكن لو عدنا الى الوراء الى نفس الفترة التي سادت فيها الحضارة الاغريقية كانت ثمة حضارات عظيمة على الساحل الشرقي للمتوسط لايمكن فصلها عن الحضارة العربية أبدعت انتاجات شعرية لاتقل في قيمتها عن شعر الملاحم القديم مثل قصائد ابلا وملحمة جلجاميش ..... الخ.

وفي النتيجة لايمكن ان نقارن بين أدبين من بيئتين مختلفتين , ولكن يمكن ان نقارن هذا الاحساس الداخلي هذا الشعور المتنامي عند الانسان عامة وعند العرب خاصة في احساسهم بالجمال فاللغة التي خرجت من بين رمال الصحراء ووبر الابل واشجار التمر استطاع الاسلام ان يروضها كي تختط لنفسها ثقافة جديدة كل الجدة وان تبني حضارة لازالت مضيئة الى الآن رغم تقادم عهدنا بها

من هذه الناحية لايقل شعر العرب عن شعر غيرهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير