تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إما عاطلة تتقاذفها شهوات ذئاب تخنق ولا تأكل، وتوظف حياتها للنوم نهاراً، والسهر والاستعداد ليلاً,, وربما جمعت إلى ذلك مايتلفها من المخدرات والخمور.

وإما عاملة لها من أسبوعها ممارسة مثل ممارسة العاطلات,, وهي قبل ذلك في جحيم الكدح لكسب لقمة العيش؛ لأنه ليس في سلوك القوم قوامة وكفاية من الرجل أباً وزوجاً وأبناً وأخاً.

وإما عفيفة محترمة ذات زوج منحها سنتين من عمر الزواج أسميها سنتي العسل، ثم التمس له خدينات من علب الليل.

وكل هذه الأصناف من النساإ إذا ذبلت زهرتها، ولم تعد صالحة للأحضان فلا وَزَرَ لها إلا بالكدح وخدمة نفسها، أو بالعمل غير الشريف، أو الاستعداد بأنظمة من التأمين تعتمد عليها حالة عجزها، أو بالإيواإ في دار العجزة!! ,, مع أن جحوشاً وأُتناً من الولد والحفدة موجودون موسرون؛ لأن نظام الأسرة بدَّده سيادة القانون الوضعي الذي سنه الكيد اليهودي الصهيوني؛ ولأنه لايوجد شريعة ذات ابواب في النفقة والصدقة والكفالة.

وأما الحقيقة الثانية: فإن الخصائص الخلقية بفتح الخاإ الملموسة المشاهدة التي أحوجت إلى نون النسوة وتائها وألفها: قضت بتباين الاستعداد كماً وكيفاً في مجالات الكدح وعمارة الأرض خارج نطاق المنزل,, وكل تواريخ القرون السالفة والخالفة وهي تجارب طويلة الأمد لا يمكن مزاحمتها بتجارب مستقبلية يحتاج الحكم عليها إلى أعمار شاهدة بأن الكدح خارج المنزل قائم على الرجل، وأن مساهمة المرأة في ذلك نادرة غير تأسيسية، وأنها من شواهد الاستثناإ وليست من أمثلة القاعدة.

ومن عجز عن تبديل فطرة الله الكونية في خلق الرجل والمرأة، ومن عجز عن استِأناف خلق يُسَوِّي بين المرأة والرجل: فتسويته بينهما في الوظائف والحقوق عار كبير، وظلم شنيع، وإفساد للحياة؛ لأن سنة الله الكونية سائرة لا تبديل لها، والكسر والتصدع والفناأُ لمن يصادمها,, وخالق الخلق هو الأعلم بما يصلحه؛ فهو الأحق بالتشريع له.

وأما الحقيقة الثالثة: فتقضي بأن دعوى الجمع بين طاعة شرع الله، والمناداة بما يخالف شرع الله نفاق في الدعوى، وتأسيس لثقافة من أهواإ بشرية يُدَّعى أنها أحكام شرعية، وإذن فلابد من أحد خيارين:

إما الرجوع إلى الشرع بما يجب أن يُفهم به من شروط الاستنباط وأصوله، ورد ما عارضه وإن كان حبيباً إلينا بأهوائنا، وهذا هو الإنابة,, وإما التصريح بأن ما نهواه ليس هو المراد الشرعي بكل شروط الاستنباط وأصوله، وأننا نرغب اتباع أهوائنا، وأننا نرفض أن يكون خالق الخلق ومالكهم هو الأحق بالتشريع لهم وتنظيم حياتهم,, وذلك هو الردة.

وأهل الصلاح هم أهل الصراحة؛ فلابد من إلحاحهم بمقتضى الصراحة على أحد هذين الخيارين؛ لأن العدو المصارح أهون من نفاق العدو المباطن.

وأما الحقيقة الرابعة: فقد سلفت ضمناً في حيثيات الحقيقة الأولى,, إن شعور المرأة التقدمية بالهوان لايظهر إلا بعد أن تفقد دواعي الأخدان أو الزواج الباهت الذي لا تتجرد فيه حقوق الكدح والنفقة على الرجل,, أي عندما تحتاج إلى نفسها في الشيخوخة، فيصدق عليها حال ابن الفارض عندما عاين ملائكة الرحمان لقبض روحه:

إن كان منزلتي في الحب عندكمُ

ما قد رأيتُ فقد ضيعت أيامي

أمنية ظَفِرَت روحي بها زمناً

واليوم أحسبها أضغاث أحلام (2)

وأبسط وأقرب شعور للمرأة التقدمية بهوانها هذه الصيحات النسوية الأفرنجية احتجاجاً على بعض المحطات الفضائية، وعلى دور السينما التي تنتج أفلاماً جنسية قذرة تجعل المرأة في أقبح صورة، وأعنف سلوك، وأشد هوان وإذلال وقد تجمَّع على امتهانها أوباش من الحشاشين والخاملين وعبَّاد المادة,, بل قامت في بعض العواصم الأوربية مظاهرات تحتج,, وكثير من الأسر الريفية تتأذى من ذلك,, ولكن نقول: ثم ماذا؟! ,, لأنه ليس في القانون الوضعي اعتراف بالدعوة والإرشاد في المنابر والميادين,, ودعك من التنظيم لذلك، بل كل ذلك محرم، وإنما المباح والمستحب والواجب الترويج للخنا بالصور والملصقات في الميادين ومفارق الطرق، ومحطات تهدئة السرعة,, وفي كل وسائل الإعلام.

إن كل خلل في مجتمعاتنا، وكل تظلم من المرأة يجب أن يُصلح ويرفع بالعودة إلى ممارسة التشريع الرباني,, لا الدعوة إلى استبداله، وبالاصلاحات الإدارية لتنظيم القضاإ في الحقوق الزوجية والأسرية، وبالتفتيش القضائي المُأَهَّل على أحكام القضاة، وبتجديد العقيدة من الرجل والمرأة دائماً بأنهم خلق الله وعبيده؛ فهم أمناأُ على شرعه، وأنهم يستمدون حريتهم أمام الخلق والشهوات والشبهات، ويستمدون قوتهم من عبوديتهم لله سبحانه,, أعني عبودية التشريف بطاعة الشرع,, أما عبودية الإذلال بقدر الله الكوني فلا مفر لأكفر الكفار عنها,, وعبدالله القوي المهيمن الغني الجواد لن يكون ضعيفاً ولا محتاجاً.

قال أبو عبدالرحمن: إذن لم يظلم إيليا أبو ماضي نفسه، ولم يظلم غيره بقوله: وهي لم تخلق لغير المنزلِ,, وإلى لقاإٍ بحول الله وقوته.

...

الحواشي:

(1) الطفل هاهنا بمعنى إقبال ظلمة الليل.

(2) ديوان ابن الفارض ص157 تحقيق الدكتور عمر الطباع طبع دار القلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير