ـ[سمير العلم]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 01:28 م]ـ
.. لي وقفة مع ردك السابق
اللهم سلِّم! ( ops
ـ[سمير العلم]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 04:27 م]ـ
السلام عليكم ...
أستاذ سمير .. لمَ تقول نعود لتلك القصيدة الصعبة التي تحوي حوشي الألفاظ وغريبها ..
ثم من هم المستضعفون الذين عنيتهم ... هؤلاء من النوع الثاني الذين قيل فيهم: واحد كمائة.
وبإذنه تعالى يكون هناك موضوع مختص بحفظ الأشعار التي تحوي كل الألفاظ الغريبة ..
ولن يكون هناك إلا من ألِفَ الصعاب ..
أحسنتِ بارك الله فيك، فعلا، يُفضل أن نفرد بابا لشعر العصور الأولى، لكني أريد أن أوضح مسألة، قد يحدث فيها لبس عند القارئ.
1 - كثر الحديث عن (حوشي الألفاظ وغريبها)، ومعلوم أختي الكريمة أن الشعر الجاهلي هو أعلى طبقات الكلام باتفاق. ومعلوم كذلك أن الغرابة واستخدام الألفاظ الحوشية من العيوب التي تدخل على الكلام فتنزل به عن مرتبة الفصاحة كما قرر ذلك العلماء، ومثلوا على ذلك بقول المتنبي:
كريم الجرشى شريف النسب .. ، أي كريم النفْس. أو كلمة مثل: الهجنع، ولا أدري ما هو الهجنع؟ فلنفهم هذه ابتداء.
2 - إذا فهمنا ذلك، أدركنا أن ما يقال عن الغرابة وحوشي الألفاظ، ليس مما يوجد في الشعر الجاهلي، إلا على سبيل الندرة أو القلة، للسبب السابق وهو أنهم في الدرجة العليا من الفصاحة بشهادة القرآن الذي تحداهم لأنهم كانوا في مستوى التحدي في ذلك الزمان تحديدا، ولم يتحد غيرهم من الأمم في وقتهم، ولا هم في ما بعد وقتهم أو قبل وقتهم.
3 - إذن لماذا نشعر أحيانا بأن هناك بعض المفردات التي نحسبها غريبة، أو تشكل علينا في الشعر الجاهلي؟ وهل هناك مشكلة في أن تشكل علينا بعض الكلمات، فنعرفها فنزاد بها علما؟
4 - نعم، يوجد غريب حتى في القرآن والحديث، وقد ألفت في غريب القرآن وغريب الحديث المؤلفات الكثيرة، لكن ذلك لا ينقص من قدر القرآن ولا قدر الحديث.
5 - لذلك عندما يقال غريب الشعر الجاهلي، فإنها فضيلة من فضائله، تسابق العلماء إلى إبرازها من خلال شرح ما ورد فيه من غريب الألفاظ، بل فسروا به القرآن، ومسائل نافع بن الأزرق شهيرة (كان ابن عبّاس رضي الله عنهما جالسا في صحن الكعبة يفسّر القرآن فجاءه نافع ابن الأزرق ونجدة بن عويمر فقالا: نحن نريد أن نسألك عن أشياء في القرآن وتأتينا بمصداقه من كلام العرب
،فقال: سلا ما تريدان، فقال نافع-- أخبرني عن قوله تعالى "اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي" قال: لا تضعفا عن أمري
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت قول الشاعر:
إني وجدك ما ونيتُ ولم = أزل أبغي الفكاكَ له بكل سبيلِ ... )
فنلاحظ أنه كان يسأل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، عن بعض الكلمات التي وردت في القرآن، فكان يفسرها له، فيعود ليسأله في كل مرة: وهل تعرف العرب ذلك؟ فيجيبه: نعم، ألم تسمع قول الشاعر ..
فيستدل بقول الشاعر الجاهلي على تفسير كل غريب أو معنى كل كلمة يُسأل عنها وردت في القرآن الكريم.
إذن، لا يجوز أن نقول إن في الشعر الجاهلي حوشيا على سبيل الذم، مما ينزل به عن مرتبة الفصاحة، أو يغض منه، لأنه يُخشى أن يكون ذلك عزفا على النغمة نفسها التي يعزف عليها منكرو الشعر الجاهلي، أو من يقولون بانتحاله كله أو جله.
لكن يُمكن أن يقال بموضوعية وباعتدال: إن فيه بعض الغريب، الذي يستعصي أحيانا على الفهم، بسبب اختلاف العصر ومستجدات الحضارة.
ولعلنا نلاحظ في كتابات المعاصرين من كتاب المغرب ما يشكل علينا ونحن أهل لغة واحدة وثقافة واحدة، وقد شرعتُ مرة في قراءة كتاب ترجمَهُ أحد أخواننا المغاربة، جزاهم الله خيرا، فلم أكد أكمل الفصل الأول حتى تذكرت كلمة أبي عمرو بن العلاء: ما لغة حِمْيَر بلغتنا ولا عربيتهم بعربيتنا، فهل قلنا إنهم يستخدمون حوشي الالفاظ، أو يجنحون إلى الغريب؟ غاية ما في الأمر أن القصور فينا نحن، حيث لم نتمرس كثيرا على كتاباتهم، فأشكلت علينا بعض الإشكال.
ولو وضعتموني في لندن أو باريس، وأنا ببضاعتي هذه المزجاة في اللغات، وحرتُ فيما يقول القوم، فلن أذم الإنجليزية أو الفرنسية لأني لم أفهمهما، ولن أقول: ما أكثر ما فيها من حوشي:)
بخلاف الأخت تيما، التي لن تجد في كلامهم حوشيا ولا غريبا:) (ما شاء الله).
¥