إن الكلمة الغريبة تبقى غريبة حتى أفهمها، وما زلت أذكر أني كنتُ أمر على كلمة (اللأواء = الشدة) فلا أفهمها، فأتكاسل عن سؤال المعاجم عنها، فتمر علي في النص تلو النص حتى خجلتُ من نفسي ومن لغتي. ولكني ثأرتُ من هذا الموقف، بأن وجدت نفسي أقول في القصيدة التي حييت بها شيخ البلاغيين أبا موسى حفظه الله:
كم صُنتَ بالعلم مجدَ الضاد من دخنٍ = ومن مُريدٍ لنا اللأواءَ والبوسا
هذا، وإنا حاجزا نفسيا، وجدار عزل عنصري، يُقام بين الأجيال الناشئة وبين لغته الصافية، بين أبناء اللغة الحاليين، وبين أجدادهم العرب الذين علموهم اللغة، كلما سمعونا نطرق آذنهم: الشعر الجاهلي صعب، حوشي، غريب، لا يفهم، ممل. وهؤلاء الناشئة، الذين كنت أنا واحدا منهم، يسمعون لنا نحن الكبار، ويعلمون أنا لم نذم الشعر الجاهلي إلا لأنا ذقناه، والحقيقة أنا لم نذقه، وإنما نقلد أيضا ما قيل لنا من أعدائنا، خاصة منذ بداية الهيمنة الاستعمارية، وأحيلكم على كتابات الشيخ محمود شاكر رحمه الله، وخاصة كتابه الذي لم يُؤلَفْ مثلُه: (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا).
لهذا كله يا أختنا الكريمة، أوصي نفسي، وأجيال أمتي، بأن نتمرس بقراءة الشعر الجاهلي إلى أن نعتاد عليه، ولا نكون ممن ينكره لمجرد التقليد، أو لأنه قيل قديما، ولم يقل حديثا. ومن الطريف أني أوردت على بعض الطلاب مرة القصيدة التالية، وتعمدت أن لا أشرح مفرداتها:
إن الزمازم في الدنيا لمصرعه = صدى الزمازم صبتها كتائبُهُ
جل الفداء فما ينفك مأربةً = لكل مستبسل أعيت مآربُهُ
وبورك الدرب مسحورا يتيه به = نِكس، ويحتضن الصنديد لاحبه
درب الخلود بليلات لوافحه = على الفُداة وجناتٌ سباسبهُ
غادى ثراك ابنَ ياسينٍ وراوحَهُ = من الغمام مُلثُّ القطر صائبه
يسقي ضريحك لا ينفك دائبهُ= عن السفوِّ ولا يصطكُّ ذائبه
كان الكريم يوفي النذر منتحيا = قبر الكريم عقيراتٍ نجائبه
غر الجباه على الغبراء تسرجها = مرجُ المروءات ضوّته حُباحبهفقال أحدهم: ما أجمل الشعر الجاهلي، وإن كان مليئا بالكلمات الصعبة، فقلت له: يا بني، الجواهري ليس من العصر الجاهلي. هذه القصيدة للشاعر محمد مهدي الجواهري يرثي الشهيد صحبي ياسين عام 1968م.
هل تصدقين أن هذا كله جواب على الفقرة الأولى من سؤالك: (لمَ تقول نعود لتلك القصيدة الصعبة التي تحوي حوشي الألفاظ وغريبها؟)
ولم أجب عنه سؤال (المستضعفين)، والإجابة عنه أطول.:)
لقد أطلتُ حتى أمللتُ، وإذا لم تكن هذه هي الثرثرة فما هي إذن؟
ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 05:57 م]ـ
أستاذ سمير .. فهمتنى خطأ .. أقول ذلك على سبيل الدعابة ... عموماً ما كتبته مفيد .. جزاك الله خيراً ..
وقد رتبت موضوعاً للشعر الجاهلي .. إلا أني ترددت في طرحة .. خوفاً من أن الوقت لا يساعدني .. ولكن بإذنه تعالى سأطرحه الليلة حتى يأخذ معه القضايا الجاهلية ..
وإذا كنتم ستناقشون قضايا جيدة هكذه فسأكثر من الأسئلة ..
ولن أتنازل عن إجابة المستضعفين .. وأحيلها إلى سؤال آخر؟؟
وهو أرجوا أن يكون لكم حديث عن كتاب قضية الشعر الجاهلي من صـ (90) .. ولكن أجعلوها في موضوع مستقل .. فقد بت أخشى من غضب الأديب ... بسبب المواضيع التي تخرج عن الموضوع ..
عذراً إليكم أيها الأديب ...
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 06:51 م]ـ
أهلا بكم من جديد، قصيدة اليوم لشاعر جاهلي، لكي نرضي " سمير، وأنوار ":)
هي للشاعر عبد يغوث - لا تستغربوا من الاسم فهو جاهلي - يقول فيها:
ألا لا تلوماني كفى اللَّومَ ما بيا = وما لكما في اللوم خيرٌ ولا لِيا
ألم تعلما أنَّ الملامةَ نفعُها = قليلٌ، وما لومي أخي من شِماليا
فيا راكباً إمّا عرضتَ فبلِّغنْ = نَدامايَ من نَجْرانَ أنْ لا تلاقِيا
فتضحكُ منّي شيخةٌ عبشميَّةٌ = كأنْ لم تَرَى قبليْ أسيراً يَمانيا
أقول وقد شَدُّوا لساني بنِسعةٍ = أمعشرَ تَيْمٍ أطلِقوا لي لِسانيا
أمعشر تَيمٍ قد ملكتمْ فأسجِحوا = فإنَّ أخاكم لم يكن من بَوائيا
فإن تقتُلوني تقتُلوا بيَ سيدا = وإن تُطْلِقوني تَحْربُوني بماليا
أحقاً عبادَ اللهِ أنْ لستُ سامعاً = نشيدَ الرِعاءِ المُعْزِبينَ المَتاليا
وقد كنتُ نَحَّار الجَزور ومُعمِل ال = مَطِيّ، وأمضي حيثُ لا حيّ ماضيا
وكنتُ إذا ما الخيلُ شَمَّصها القنا = لَبيقاً بتصريف القناةِ بَنَانيا.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 06:52 م]ـ
سنوافق بالطيب ولا داعي لاستخدام الأسلحة يا أستاذ سمير:)
هذه مداخلة على عجل للتأكيد أن الحفظ جارٍ وإلا فلي وقفة مع ردك السابق على مداخلتي إن شاء الله.
دمتم جميعا بخير
.
.
مرحبا بك، ظننتك ذهبت فالحمد لله.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[18 - 10 - 2008, 06:54 م]ـ
أستاذ سمير .. فهمتنى خطأ .. أقول ذلك على سبيل الدعابة ... عموماً ما كتبته مفيد .. جزاك الله خيراً ..
وقد رتبت موضوعاً للشعر الجاهلي .. إلا أني ترددت في طرحة .. خوفاً من أن الوقت لا يساعدني .. ولكن بإذنه تعالى سأطرحه الليلة حتى يأخذ معه القضايا الجاهلية ..
وإذا كنتم ستناقشون قضايا جيدة هكذه فسأكثر من الأسئلة ..
ولن أتنازل عن إجابة المستضعفين .. وأحيلها إلى سؤال آخر؟؟
وهو أرجوا أن يكون لكم حديث عن كتاب قضية الشعر الجاهلي من صـ (90) .. ولكن أجعلوها في موضوع مستقل .. فقد بت أخشى من غضب الأديب ... بسبب المواضيع التي تخرج عن الموضوع ..
عذراً إليكم أيها الأديب ...
على الرحب والسعة أختي أنوار، أنا أعتبر هذه المشاركات الجانب النظري، وما أقوم به أنا الجانب التطبيقي.
¥