تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال مقيّده عفا اللَّه عنه وغفر له السفعة في الخدّين من المعاني المشهورة في كلام العرب أنها سواد وتغيّر في الوجه من مرض أو مصيبة أو سفر شديد ومن ذلك قول متمم بن نويرة التميمي يبكي أخاه مالكًا السفعة في الخدّين من المعاني المشهورة في كلام العرب أنها سواد وتغيّر في الوجه من مرض أو مصيبة أو سفر شديد ومن ذلك قول متمم بن نويرة التميمي يبكي أخاه مالكًا تقول ابنة العمري ما لك بعدما ** أراك خضيبًا ناعم البال أروعا

فقلت لها طول الأسى إذ سألتني ** ولوعة وجد تترك الخد أسفعا

ومعلوم أن من السفعة ما هو طبيعي كما في الصقور فقد يكون في خدي الصقر سواد طبيعي ومنه قول زهير بن أبي سلمى ومعلوم أن من السفعة ما هو طبيعي كما في الصقور فقد يكون في خدي الصقر سواد طبيعي ومنه قول زهير بن أبي سلمى:

أهوى لها أسفع الخدين مطرق ** ريش القوادم لم تنصب له الشبك

والمقصود أن السفعة في الخدّين إشارة إلى قبح الوجه وبعض أهل العلم يقول إن قبيحة الوجه التي لا يرغب فيها الرجال لقبحها لها حكم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، ومن الأحاديث التي استدلّوا بها على ذلك حديث ابن عباس الذي قدّمناه قال أردف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس رضي اللَّه عنهما يوم النحر خلفه على عجز راحلته وكان الفضل رجلاً وضيئًا فوقف النبيّ صلى الله عليه وسلم يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبيّ صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها فقالت يا رسول اللَّها إن فريضة اللَّه في الحجّ على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا الحديث قالوا فالإخبار عن الخثعمية بأنها وضيئة يفهم منه أنها كانت كاشفة عن وجهها وأجيب عن ذلك أيضًا من وجهين:

الأول الجواب بأنه ليس في شىء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عنه وأقرّها على ذلك بل غاية ما في الحديث أنها كانت وضيئة وفي بعض روايات الحديث أنها حسناء ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها وأنه صلى الله عليه وسلم أقرّها على ذلك بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد فيراها بعض الرجال من غير قصد كشفها عن وجهها كما أوضحناه في رؤية جابر سفعاء الخدين ويحتمل أن يكون يعرف حسنها قبل ذلك الوقت لجواز أن يكون قد رآها قبل ذلك وعرفها ومما يوضح هذا أن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما الذي روي عنه هذا الحديث لم يكن حاضرًا وقت نظر أخيه إلى المرأة ونظرها إليه لما قدمنا من أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قدمه بالليل من مزدلفة إلى منى في ضعفة أهله ومعلوم أنه إنما روى الحديث المذكور من طريق أخيه الفضل وهو لم يقل له إنها كانت كاشفة عن وجهها واطّلاع الفضل على أنها وضيئة حسناء لا يستلزم السفور قصدًا لاحتمال أن يكون رأى وجهها وعرف حسنه من أجل انكشاف خمارها من غير قصد منها واحتمال أنه رآها قبل ذلك وعرف حسنها فإن قيل قوله إنها وضيئة وترتيبه على ذلك بالفاء قوله فطفق الفضل ينظر إليها وقوله وأعجبه حسنها فيه الدلالة الظاهرة على أنه كان يرى وجهها وينظر إليه لإعجابه بحسنه فالجواب أن تلك القرائن لا تستلزم استلزامًا لا ينفكّ أنها كانت كاشفة وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم رآها كذلك وأقرّها لما ذكرنا من أنواع الاحتمال مع أن جمال المرأة قد يعرف وينظر إليها لجمالها وهي مختمرة وذلك لحسن قدّها وقوامها وقد تعرف وضاءتها وحسنها من رؤية بنانها فقط كما هو معلوم ولذلك فسّر ابن مسعود وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا بالملاءة فوق الثياب كما تقدم ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر كما هو معلوم ولذلك فسّر ابن مسعود وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا بالملاءة فوق الثياب كما تقدم ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر:

طافت أمامة بالركبان آونة ** يا حسنها من قوام ما ومنتقبا

فقد بالغ في حسن قوامها مع أن العادة كونه مستورًا بالثياب لا منكشفًا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير