تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الوجه الثاني أن المرأة محرمة وإحرام المرأة في وجهها وكفيها فعليها كشف وجهها إن لم يكن هناك رجال أجانب ينظرون إليه وعليها ستره من الرجال في الإحرام كما هو معروف عن أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهن ولم يقل أحد أن هذه المرأة الخثعمية نظر إليها أحد غير الفضل بن عباس رضي اللَّه عنهما والفضل منعه النبيّ صلى الله عليه وسلم من النظر إليها وبذلك يعلم أنها محرمة لم ينظر إليها أحد فكشفها عن وجهها إذًا لإحرامها لا لجواز السفور فإن قيل كونها مع الحجاج مظنّة أن ينظر الرجال وجهها إن كانت سافرة لأن الغالب أن المرأة السافرة وسط الحجيج لا تخلو ممن ينظر إلى وجهها من الرجال فالجواب أن الغالب على أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم الورع وعدم النظر إلى النساء فلا مانع عقلاً ولا شرعًا ولا عادة من كونها لم ينظر إليها أحد منهم ولو نظر إليها لحكي كما حكي نظر الفضل إليها ويفهم من صرف النبيّ صلى الله عليه وسلم بصر الفضل عنها أنه لا سبيل إلى ترك الأجانب ينظرون إلى الشابة وهي سافرة كما ترى وقد دلَّت الأدلَّة المتقدمة على أنها يلزمها حجب جميع بدنها عنهم وبالجملة فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب مع أن الوجه هو أصل الجمال والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية وداع إلى الفتنة والوقوع فيما لا ينبغي ألم تسمع بعضهم يقول وبالجملة فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب مع أن الوجه هو أصل الجمال والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية وداع إلى الفتنة والوقوع فيما لا ينبغي ألم تسمع بعضهم يقول

قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة ** ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم

أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك وبناتك وأخواتك ولقد صدق من قال أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك وبناتك وأخواتك ولقد صدق من قال:

وما عجب أن النساء ترجلت ** ولكن تأنيث الرجال عجاب

مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة أعني آية الحجاب هذه

اعلم أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه

ولا يجوز له أن يمسّ شىء من بدنه شيئًا من بدنها والدليل على ذلك أمور

الأول أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنّه قال إني لا أصافح النساء الحديث واللَّه يقول لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فيلزمنا ألاّ نصافح النساء اقتداء به صلى الله عليه وسلم والحديث المذكور موضحًا في سورة الحجّ في الكلام على النهي عن لبس المعصفر مطلقًا في الإحرام وغيره للرجال وفي سورة الأحزاب في آية الحجاب هذه وكونه صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا يصافح المرأة ولا يمسّ شىء من بدنه شيئًا من بدنها لأن أخفّ أنواع اللّمس المصافحة فإذا امتنع منها صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة دلَّ ذلك على أنها لا تجوز وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم لأنه هو المشرع لأُمّته بأقواله وأفعاله وتقريره. الأمر الثاني هو ما قدمنا من أن المرأة كلها عورة يجب عليها أن تحتجب وإنما أمر بغضّ البصر خوف الوقوع في الفتنة ولا شكّ أن مسّ البدن للبدن أقوى في إثارة الغريزة وأقوى داعيًا إلى الفتنة من النظر بالعين وكل منصف يعلم صحّة ذلك.

الأمر الثالث أن ذلك ذريعة إلى التلذّذ بالأجنبية لقلّة تقوى اللَّه في هذا الزمان وضياع الأمانة وعدم التورّع عن الريبة وقد أخبرنا مرارًا أن بعض الأزواج من العوام يقبّل أخت امرأته بوضع الفم على الفم ويسمّون ذلك التقبيل الحرام بالإجماع سلامًا فيقولون سلّم عليها يعنون قبّلها فالحق الذي لا شكّ فيه التباعد عن جميع الفتن والريب وأسبابها ومن أكبرها لمس الرجل شيئًا من بدن الأجنبية والذريعة إلى الحرام يجب سدّها كما أوضحناه في غير هذا الموضع وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود الأمر الثالث أن ذلك ذريعة إلى التلذّذ بالأجنبية لقلّة تقوى اللَّه في هذا الزمان وضياع الأمانة وعدم التورّع عن الريبة وقد أخبرنا مرارًا أن بعض الأزواج من العوام يقبّل أخت امرأته بوضع الفم على الفم ويسمّون ذلك التقبيل الحرام بالإجماع سلامًا فيقولون سلّم عليها يعنون قبّلها فالحق الذي لا شكّ فيه التباعد عن جميع الفتن والريب وأسبابها ومن أكبرها لمس الرجل شيئًا من بدن الأجنبية والذريعة إلى الحرام يجب سدّها كما أوضحناه في غير هذا الموضع وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود: سدّ الذرائع إلى المحرم ** حتم كفتحها إلى المنحتم.

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن 6/ 247 – 257.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير