ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[04 Apr 2008, 10:06 م]ـ
[عبدالرحمن الشهري;
] الأخ العزيز الأستاذ عبدالله جلغوم وفقه الله
منذ بدأتم الكتابة في الملتقى وأنا أتابع ما تكتبون وأحرص على قراءته وإن لم أشارك فيه، ولا شك أنكم تشكرون على هذه العناية والحرص على إفادتنا بما تتوصلون إليه من نتائج. غير أن الأمر في مخالفتكم - من وجهة نظري القاصرة - ليس لأنكم نصرتم القول بتوقيفية ترتيب السور في المصحف، ومن ثم توصلتم إلى هذه النتائج، فهناك غيرك ممن يرون توقيفية ترتيب السور ولم يذهبوا هذه المذاهب ولم يقولوا بها.
فضيلة الأخ الدكتور عبدالرحمن الشهري - حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما كان يراودني التساؤل لماذا لا يعلق الدكتور الشهري على شيء مما أكتب؟ يا ترى لو كان ذلك، أيكون كالردود الأخرى؟ وطال الانتظار، وجاء أخيرا أجمل الردود ممن أقلقنا صمته، جاء يفيض عذوبة وأخلاقا، بمستوى صاحبه، الدكتور الشهري .. وشتان بين رد ورد ..
لقد كان دافعي للبحث في ترتيب القرآن هو ظاهرة الاختلاف في كثير من المسائل، لم يكن في ذهني شيء محدد حول هذا الموضوع، اللهم شعور خفي بأن كتابا إلهيا لا بد أن يخفي في طياته نظاما يتناسب مع عظمته، يزيد هذا الشعور قوة، ترتيب القرآن على غير ترتيب نزوله. حاولت البحث عن إجابة للتساؤل عن الحكمة من ترتيب القرآن على غير ترتيب نزوله فوجدت ما يكتب في هذه الناحية، يخلط بين نزول القرآن مفرقا ومغايرة ترتيبه لترتيب النزول، أعني أن الحكمة من نزول القرآن مفرقا ليست هي الحكمة من ترتيبه، كان من الممكن أن ينزل القرآن مفرقا وأن يرتب أولا بأول، وتتحقق الحكمة من " التنجيم " ..
الحقيقة أنني لم أجد في كل الكتب التي تتناول علوم القرآن إجابة شافية مقنعة لما في ذهني من أسئلة حول مسألة الترتيب.
ليس أمامي سوى القرآن أبحث فيه عن الإجابة ..
كيف أبدأ، ومن أين؟
لغة الترتيب والتخطيط والتنظيم هي لغة الأرقام، وهذا يعني أن السبيل للكشف عن أسرار الترتيب القرآني هو العد والحساب. وإذا كان القرآن منظما في ترتيبه فلا بد أن يكون رقميا.
من أين أبدأ؟
الله لا يفعل شيئا عبثا أو بدون حكمة، إذن اختيار الله سبحانه للعدد 114 عددا لسور كتابه الكريم ليس مصادفة، فهو اختيار محسوب ..
ماذا في العدد 114؟ فيه جملة من الخصائص، أولها ما أسميته فيما بعد – بعد أن أصبحت الأمور واضحة لدي – معادلة الترتيب القرآني الأولى:
114 = 19 × 6. ومن هذه المعادلة نستنتج الأعداد: 13 و 6 و 7.
19 – 6 = 13، 13 – 6 = 7.
أي لدينا أربعة أعداد هي: 19 و 13 و 6 و 7.
هذه الحقيقة ازدادت وضوحا لدي بمجرد التدبر في سورتي الفاتحة والناس (أول وآخر سور القرآن ترتيبا) ..
فالآية الأولى: 19 حرفا (البسملة)
الآية الأخيرة: 13 حرفا (من الجنة والناس)
السورة الأولى مؤلفة من 7 آيات.
السورة الأخيرة مؤلفة من 6 آيات ..
فهمت أنا أن في هذه الأعداد إشارة خفية إلى النظام العددي في القرآن، وهي الإشارة نفسها في العدد 114 .. بل وصار لدي يقين بأنني سأكتشف أسرار ترتيب سور القرآن وآياته .. فهذه هي مفاتيح (محاور) الترتيب.
وفعلا هذا ما وجدته: لقد تم ترتيب سور القرآن وآياته وفق هذه المحاور (أي العلاقات الرياضية المجردة في العدد 114).
وباعتبار قانون الزوجية الكوني (فالعدد إما زوجي وإما فردي) اكتشفت أن نظام الترتيب القرآني يخضع لهذا القانون أيضا.
السؤال: هل في وسعنا وضع منهج – علمي – أو ضوابط لترتيب القرآن، منهج مألوف لدينا ..
الجواب لا. لسبب بسيط: ترتيب القرآن هو ترتيب إلهي مختلف تماما عن تصورنا ولا يخضع لمقاييسنا البشرية المألوفة. فالله يرتب كتابه كما شاء، وليس من حقنا وضع منهج أو ضوابط له. فكما تفرد القرآن بلغة خاصة مميزة، تفرد بترتيب خاص مميز. دورنا محصور في الملاحظة والاستقراء .. وليس في وضع الضوابط، ولكن في وسعنا أن نضع ضوابط للبحث والباحثين ..
ومما أصبح واضحا لدي أن أهم ما يميز العلاقة الرياضية في القرآن أنها علاقة متصلة (نسيجية) لا يمكن الحديث عن واحدة بمنأى عن غيرها.
وودت لو أن هذا العمل تتبناه جامعة أو مؤسسة ويقوم عليه فريق من الباحثين وأن لا يظل مرتبطا بجهد فردي، فترتيب القرآن – حسب معايشتي له – ليس أمرا سهلا، ولا يمكن أن نوكله إلى فرد ونكتفي بالتفرج عليه حينا، والاعتراض عليه حينا آخر. الحرص على القرآن – وكلنا حريصون – أن نتعاون مع هذا الباحث بما يحقق مصلحة القرآن وأهله .. وأن نستمع إلى كل ما لديه، أما أن هذا المسلك في البحث جديد، وأن هناك من يقدس الأعداد، وأن هذه المسائل مختلف فيها، فلا تغني عن الحق شيئا.
القرآن بين أيدينا – محفوظ بتعهد من الله - فليكن الحكم له.
مع فائق التقدير والاحترام
¥