قوله (ثويبة) بمثلثة وموحدة ومصغر، كانت مولاة لأبي لهب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الحديث.
قوله (فلا تعرضن) بفتح أوله وسكون العين وكسر الراء بعدها معجمة ساكنة ثم نون على الخطاب لجماعة النساء، وبكسر المعجمة وتشديد النون خطاب لأم حبيبة وحدها، والأول أوجه.
وقال ابن التين: ضبط بضم الضاد في بعض الأمهات، ولا أعلم له وجها لأنه إن كان الخطاب لجماعة النساء وهو الأبين فهو بسكون الضاد لأنه فعل مستقبل مبني على أصله، ولو أدخلت عليه التأكيد فشددت النون لكان تعرضان لأنه يجتمع ثلاث نونات فيفرق بينهن بألف، وإن كان الخطاب لأم حبيبة خاصة فتكون الضاد مكسورة والنون مشددة.
وقال القرطبي: جاء بلفظ الجمع وإن كانت القصة لاثنين وهما أم حبيبة وأم سلمة ردعا وزجرا أن تعود واحدة منهما أو غيرهما إلى مثل ذلك، وهذا كما لو رأى رجل امرأة تكلم رجلا فقال لها أتكلمين الرجال فإنه مستعمل شائع، وكان لأم سلمة من الأخوات قريبة زوج زمعة بن الأسود، وقريبة الصغرى زوج عمر ثم معاوية، وعزة بنت أبي أمية زوج منبه بن الحجاج، ولها من البنات زينب راوية الخبر، ودرة التي قيل إنها مخطوبة.
وكان لأم حبيبة من الأخوات هند زوج الحارث بن نوفل، وجويرية زوج السائب بن أبي حبيش، وأميمة زوج صفوان بن أمية، وأم الحكم زوج عبد الله بن عثمان، وصخرة زوج سعيد بن الأخنس، وميمونة زوج عروة بن مسعود.
ولها من البنات حبيبة وقد روت عنها الحديث ولها صحبة وكان لغيرهما من أمهات المؤمنين من الأخوات أم كلثوم وأم حبيبة ابنتا زمعة أختا سودة، وأسماء أخت عائشة، وزينب بنت عمر أخت حفصة وغيرهن، والله أعلم.
قوله (قال عروة) هو بالإسناد المذكور، وقد علق المصنف طرفا منه في آخر النفقات فقال " قال شعيب عن الزهري قال عروة " فذكره.
وأخرجه الإسماعيلي من طريق الذهلي عن أبي اليمان بإسناده.
قوله (وثويبة مولاة لأبي لهب) قلت: ذكرها ابن منده في " الصحابة " وقال: اختلف في إسلامها.
وقال أبو نعيم: لا نعلم أحدا ذكر إسلامها غيره، والذي في السير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرمها، وكانت تدخل عليه بعدما تزوج خديجة، وكان يرسل إليها الصلة من المدينة، إلى أن كان بعد فتح خيبر ماتت ومات ابنها مسروح.
قوله (وكان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم) ظاهره أن عتقه لها كان قبل إرضاعها، والذي في السير يخالفه، وهو أن أبا لهب أعتقها قبل الهجرة وذلك بعد الإرضاع بدهر طويل وحكى السهيلي أيضا أن عتقها كان قبل الإرضاع، وسأذكر كلامه.
قوله (أريه) بضم الهمزة وكسر الراء وفتح التحتانية على البناء للمجهول.
قوله (بعض أهله) بالرفع على أنه النائب عن الفاعل.
وذكر السهيلي أن العباس قال: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين، قال: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فأعتقها. (انتهى النقل)
إذن فالقصة لا هي واردة عن النبي (ص)، ولا هي صحيحة الإسناد. وفوق ذلك فهي متعلقة بمسألة غيبية واعتقادية في نفس الوقت (عذاب عذاب الكافر في الآخرة)، وبالتالي لا يجوز التهاون أو التساهل فيها.
وعندما راسلت المتكلم المذكور وبعض منظمي السهرة المذكورة منبها إياهم للخطإ وضرورة إرسال هذا التصويب إلى جميع من حضروا السهرة (وعددهم بالمئات)، خشية إيقاعهم في وهم وجود حديث كهذا يؤيد الاحتفال بالمولد، قوبلت فتور شديد، وتبرير مؤسف مفاده أن الحديث ورد على الهامش وأن تصويبه بهذا الشكل سيثير فتنة!! رغم علمهم بأنني أبعد الناس عن مثل هذه الفتن، خصوصا في ما يتعلق بالأمور الخلافية وقضايا الوحدة بين المسلمين.
ولست أدري كيف يسمح البعض لأنفسهم بالتهاون في هذه الأمور. كما لا أدري كم من الحضور راق له سماع تلك القصة فبنى عليها بنيانا من المسوغات الشرعية للمولد القادم.
أوردت هذه القصة لبيان أن بعض الأخبار قد لا يكون للتصديق بها أثر عملي (كالقول بأن شعيبا عليه السلام هو صهر موسى عليه السلام)، والخطر الأكبر هو في الأخبار الأخرى التي ينتج عنها أثر عملي.
ملاحظة:
إيرادي للقصة المذكورة لم يكن القصد منه الحديث عن مشروعية (أو عدم مشروعية) الاحتفال بالمولد النبوي، فلهذا الموضوع (في تقديري) جوانب مختلفة ليس هنا موضعها. وإنما القصد الوحيد هو بيان أهمية التثبت في نقل الأخبار وفهم المسائل المتعلقة بالدين، لأن هذا التثبت هو أول المداخل الضرورية لتقليص حجم الاختلاف في فهم الدين وتطبيقه.
ـ[عبد الله اليوسف]ــــــــ[16 Apr 2008, 01:02 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء على نقل كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة التي عمت البلوى بها حتى صار من البديهي عند العوام وأشباه العوام أن شعيبا هو حمو موسى عليهما السلام ولا حجة لهم في ذلك إلا الاشتراك في الانتساب إلى مدين.
والقول إن اسم حمي موسى عليه السلام هو يثرون مأخوذ من التوراة كما وضح شيخ الإسلام وربما تحسن الإشارة إلى أن هذا أحد ثلاثة أقوال في اسم حمي موسى عليه السلام جاءت كلها في التوراة التي بين أيدي القوم؛ أجدها أن اسمه يثرون (سفر الخروج 3:1)، والآخر أنه رعوئيل (سفر الخروج 2:18)، والثالث أنه حوباب (سفر القضاة 4:11). أما اسم زوجة موسى فهو صفورة بالفاء الذي يعني بالعربية عصفورة.