تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - الفهم الموضوعي للنص، بمعنى الفهم المطابق للواقع، غير ممكن؛ لأن العنصر الباطني أو ذهنية المفسر وقبلياته شرط لحصول الفهم، فخلفيات المفسر ذات دور حتمي في كافة فهومه وتفاسيره كافة.

3 - عملية فهم النص عملية غير منتهية، فإمكانية القراءات المختلفة للنص لا تعرف حدوداً تتوقف عندها، إذ إن الفهم تركيب وامتزاج بين أفق معاني المفسر وأفق معاني النص، ومع كل تحوّل في المفسر وأفقه تتاح إمكانية جديدة للتركيب والامتزاج وولادة فهم جديد.

إذن لا نهاية لاحتمالات التراكيب ولإمكان القراءات والتفاسير المختلفة للنص.

4 - ليس ثمة فهم ثابت غير متحرك، ولا يصح تحديد فهم، بوصفه الفهم النهائي الذي لا يتغير لنص من النصوص.

5 - ليست الغاية من تفسير النص القبض على "مراد المؤلف"، فنحن نواجه النص، وليس المؤلف. وما المؤلف إلاّ أحد قراء النص، ولا يتميز عن باقي المفسرين والقراء بشيء. والنص كيان مستقل يتحاور مع المفسر، فينتج عن ذلك فهم للنص. وهكذا فالمفسر لا يعبأ بالمقاصد و الغايات التي أراد المؤلف التعبير عنها.

6 - لا يوجد مناط أو معيار لفحص التفسير القيّم من غير القيّم، إذ لا يوجد أساسا شيء اسمه تفسير قيّم، والرؤية التي تتحدث عن شيء اسمه تفسير قيّم أو صحيح تقرر إدراك مرامي المؤلف كغاية للتفسير، بينما الهرمنيوطيقا الفلسفية ترى "أصالة المفسر" ولا تتوخى معرفة قصد المؤلف إطلاقاً. ولأن مفسّري النص كثر، ولهم على مر الزمان آفاق متعددة مختلفة، ستظهر فهوم للنص جد متباينة، لا يصح اعتبار أي منها أفضل من الآخر.

7 - الهرمنوطيقا الفلسفية ملائمة تماماً لـ"النسبية التفسيرية"، وتفتح مجالاً رحباً لتفاسير متطرفة.

هذه الأفكار وجدت صداها بشكل واضح وواسع في المحاولات التجديدية لدراسة وتفسير القرآن العظيم.

صور من التأثير الهرمنيوطيقي على أهل التجديد:

التقابل في اللفظتين (هرمنيوطيقا وتأويل).

ويكفي أن أشير في البداية إلى أن الترادف اللفظي بين هرمنيوطيقا والتأويل ساعد دعاة التجديد على تبني المنهج الهرمنيوطي بنوع من الاطمئنان، خصوصا وأن اللفظة مفردة قرآنية، واستعملت في سياق معرفي، وإرجاع الشيء إلى أصله مع وجود فارق واسع بين التأويل في الثقافة الإسلامية التي ضبطت المفردة – التأويل – ضبطا دقيقا. وبين الثقافة الغربية المعترضة على تسمية الهرمنيوطيقا بالعلمية.

فيكفي الرجوع إلى كتب الأصول والبلاغة لكي يعرف القارئ صور استعمال اللفظ في الثقافة الإسلامية.

بعد تبني اللفظ في صيغته العربية بدأ دعاة التجديد يحملونه كل المعاني الهرمنيوطيقية المؤسسة على ثقافة الغرب، الباحثة عن اغتراب الإنسان في الثقافة المادية، والباحثة عن القراءة الصحيحة للكتب المقدسة التي أصابها التحريف والتغيير.

فالتأويل في الثقافة الإسلامية خصه الحق تعالى بذاته حين قال (وما يعلم تاويله إلا الله) وإن شارك فيه أحد من خلقه فهو إما نبي مثل يوسف عليه السلام (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الأحاديث) وإما راسخ في العلم (وما يعلم تاويله إلا الله والراسخون في العلم). وهكذا يُعوِّل الخطاب العلماني كثيراً على التأويل في قراءته للقرآن الكريم، لأن التأويل مفهوم قرآني يمكن الولوج منه بسهولة إلى الغايات التي يبحث عنها هذا الخطاب، وتحت هذه المظلة يمارس هذا الخطاب آلياته في القراءة، والتي لا صلة لها بالمفهوم القرآني مطلقاً. وبالمناسبة فإن بعضهم أمثال نصر حامد أبي زيد يقدم لفظ التأويل في كل كتاباته على أنه لفظ مظلوم، ولا بد من إرجاعه إلى وضعه الطبيعي، ويستشهد ببعض المحاولات المنسية وغير المؤصلة علميا من أمثال معنى الأساطير والأمثال والعبر والعضات الموجودة في القرآن الكريم التي ذهب بعضهم أنها وردت في القرآن الكريم للاعتبار فقط، وليست حقائق قرآنية.فلابد أن تؤول وتقرأ قراءة هرمنيوطيقية.

بشرية النصوص أو الأنسنة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير