لا تحسبن أن حياتك في هذه الدنيا أو حياتهم هي الحياة الوحيدة , وأنهم بموتهم قد انتهى الخير والشر بالنسبة لهم! بل هناك حياة بعد الموت , وأنت وغيرك عند موتكم وعند كونكم في قبوركم فإني خبير بكم محيط بكم مطلع عليكم!
لذلك فإنه من المنطقي جدا أن يستعمل الله تعالى ضمير الجمع وضمير الغائب من أجل توصيل هذه الصورة للإنسان!
ونحن نرى أن القول بأن آخر هذه السورة هو ساعة الموت في الدنيا هو المناسب لبداية السورة التالية حيث أنها تبدأ بالقارعة وهي أول يوم القيامة , فهنا تنتهي السورة بالموت وتبدأ التالية بالقرع الذي يوقظ الموتى!
فانظر أخي في الله إلى هذا المنظور الذي قدمناه لك وبين ما يقوله المفسرون , ونقدم لك ملخصا موجزا لمعاني السورة مجمعة حتى ترى المعاني البليغة لهذه السورة العظيمة:
المنظور العام للسورة:
يقسم الله تعالى بالسحب الثقال المتحركة حركة سريعة الحاملة للمطر والتي تتجمع فتبرق عن طريق احتكاكها ببعضها (وبداهة هناك مع البرق رعد ومطر فما من برق بدونهما) وهذه السحب تأتي الناس مغيرة صبحا مضيئة! فتثير ذرات المطر فيسقط بين خلق الله ويتجمع فينتفعون به! يقسم الله تعالى بكل هذا على أن الإنسان كافر بنعم ربه غير شاكر لها على الرغم من أنه شاهد عليها يراها وينتفع بها ثم هو محب للخير حبا شديدا وعلى الرغم من ذلك فتصرفاته مناقضة له (فلا يشكر نعم الله) ثم ينبهه الله تعالى إلى أن مآل كل إنسان هو إلى القبر ويصير عظاما نخرة تبعثر ولكن قبل ذلك ستحصل نفسه التي في صدره وتعود إلى الله تعالى , (حتى تعود إليه بعد ذلك في يوم البعث فتزوج به) والله تعالى خبير بالإنسان في حال موته وبعد موته فلا يغفل عنه ولا يتركه فليست هذه هي الحياة الوحيدة التي سيحياها الإنسان وإنما هناك يوم آخر سيصحو له الإنسان يبدأ بالقرع!
وقارن بين هذا التصور الإجمالي الذي نقول به وبين ما يقول به المفسرون واحكم بنفسك أيهما أكثر إحكاما وأيهما يعطي وحدة موضوعية للسورة من أولها إلى آخرها.
الوحدة الموضوعية للسورة:
كما رأينا من خلال هذا التصور الشامل فإن الوحدة الموضوعية بينة أيما بيان فالسورة تدور في دائرة كفر الإنسان لنعم الله الكثيرة عليه على الرغم من حبه واستكثاره لها ومشاهدته إياها وعلى الرغم من أنه هو نفسه سيموت ويفنى ولكن لن ينتهي الخير أو الشر بذلك بل هناك إله خبير بالإنسان سيجازيه خير الجزاء على فعله!
هدانا الله وعصمنا من الزلل وجعلنا شوكة في حلوق الملاحدة والمشككين!
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[15 May 2008, 05:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا مجهود تشكر عليه ..
وعندي سؤال: ألا يقتضي ذلك أن الأمة والذين جاء عنهم تفسير العاديات بخلاف ما رجحت ألا يقتضي أن جميعهم كانوا يفهمون الآية على غير مراد الله؟ فهل تجمع الأمة على خطأ ويخفى الحق عن الجميع طوال تلك الفترة؟
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[15 May 2008, 11:28 م]ـ
وجزاك مثله أخي ولكن التفسير الوارد في هذه السورة الكريمة لم يرد عن الأمة كلها ولكنه ورد عن صحابيين كرمين , وهما وإن كانا من أعلم الصحابة ولكنه كما هو واضح من كلامهما أنهما اجتهدا في فهم السورة , فلم يكن لدى أي واحد منهما نص من الرسول على فهمه! أما هذان فبرءا أنفسهما باجتهادهما أما الباقون فقلدوا أو لم يبحثوا اساسا في السورة! أما مسألة خفاء الحق عن الجميع فيمكننا القول أن نعم, فكثير من الآيات التي تحتوي ما يسمى بالإعجاز العلمي لم تفهم حق الفهم إلا في أيامنا هذا وخفيت عن السابقين وهذا من تمام الأدلة على كون هذا الكتاب من عند الله العلي القدير العليم وليس من عند محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. ونقول: هناك ما لا أفهمه أنا ولا أنت ولن يفهمه أحد في عصرنا هذا وسيأتي زمان يكتشف فيه أهله كم كان كتاب الله سباقا بعرض هذه الحقائق -بداهة هذا الجزء ليس في العقائد أو الأحكام- هدانا الله وإياكم لما فيه الخير والصواب.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[16 May 2008, 12:58 ص]ـ
جزاكم الله خيراً مجهود رائع ... وقد قرأت في أحد المنتديات الإلحادية لبعض الساقطين تهكم وسخرية بهذه السورة الكريمة وقد أغاظني كلامهم جداً وتمنيت لو تتاح لي فرصة للتأمل في هذه السورة والعودة لكتب التفسير فقد أحسنت جزاك الله خيراً علماً أنني مررت على كلامكم مروراً سريعاً على أمل أن أعود إليه متأنياً .... ولعلنا نختلف وهذا لا يضير جهدكم الطيب المبارك وفقكم الله وأيدكم .... ولو أن هذا المنتدى الإلحادي يتيح لنا مثل ما نتيح لهم لنقلت تفسيركم لهذه السورة إلى منتداهم ليقرأه المنصفون والمخدوعون ... ولكنهم موظفون ينفذون أوامر سادتهم الذين يغدقون عليهم الأموال والأعطيات ....