تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

" لقائل أن يسأل لم قال: {بُعْثِرَ مَا فِى القبور} ولم يقل: بعثر من في القبور؟ ثم إنه لما قال: {ما في القبور}، فلم قال: {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ} ولم يقل: إن ربها بها يومئذ لخبير؟ الجواب عن السؤال الأول: هو أن ما في الأرض من غير المكلفين أكثر فأخرج الكلام على الأغلب، أو يقال: إنهم حال ما يبعثون لا يكونون أحياء عقلاء بل بعد البعث يصيرون كذلك، فلا جرم كان الضمير الأول ضمير غير العقلاء، والضمير الثاني ضمير العقلاء. "اهـ

أما نحن فنقول أن الله تعالى يذكر الإنسان بحال من يراه في القبور , فعندما نذهب لدفن أي عزيز علينا أو عندما تُنقل المقابر أو لأي سبب كان يكون الإنسان في المقابر يرى عملية البعثرة لما في القبور حيث تُحرك عظاما وتوضع جثث أو تنقل تماما أو أو ... , وهنا يتناسب استعمال " ما " مع ما في القبور لأنها عبارة عن عظام نخرة وجثث عفنة أما يوم القيامة فيخرج الناس من الأجداث سراعا كما هم أناسا بالغين!

كما أن القول بأن هذا التوصيف في الدنيا مؤذن بالمقابلة بين الخير الذي أتى وخرج من العاديات والخراب والدمار والهلاك الذي يكون في القبور والذي أشار الله تعالى إليه من خلال قوله " بعثر "

و" حصل ما في الصدور " , والتحصيل معروف ونحن نستعمله في أيامنا هذه استعماله الصحيح ونلاحظ هنا وجود مقابلة بين البعثرة والتحصيل. والتحصيل كما جاء في المقاييس:

" الحاء والصاد واللام أصلٌ واحد منقاس، وهو جمع الشيء، ولذلك سمِّيت حَوصلةُ الطائر؛ لأنّه يجمع فيها. ويقال حصَّلت الشيءَ تحصيلا.

وزعم ناسٌ من أهل اللغة أنّ أصل التحصيل استخراجُ الذهب أو الفضّة من الحجر أو من تراب المَعدِن؛ ويقال لفاعله المحصِّل. قال:

ألا رجلٌ جزاهُ الله خيراً يدلُّ على محصِّلة تُبِيتُ ........ " اهـ

والسادة المفسرون اختلفوا في معنى التحصيل هذا فقالوا:

" قال أبو عبيدة، أي ميز ما في الصدور، وقال الليث: الحاصل من كل شيء ما بقي وثبت وذهب سواه، والتحصيل تمييز ما يحصل والاسم الحصيلة قال لبيد: وكل امرىء يوماً سيعلم سعيه ... إذا حصلت عند الإله الحصائل

وفي التفسير وجوه أحدها: معنى حصل جمع في الصحف، أي أظهرت محصلاً مجموعاً وثانيها: أنه لا بد من التمييز بين الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والمحظور، فإن لكل واحد ومنه قيل للمنخل: المحصل وثالثها: أن كثيراً ما يكون باطن الإنسان بخلاف ظاهره، أما في يوم القيامة فإنه تتكشف الأسرار وتنتهك الأستار، ويظهر ما في البواطن، كما قال: {يَوْمٍ تبلى السرائر} [الطارق: 9]. " اهـ

يتبع .......................

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[10 May 2008, 11:16 ص]ـ

والذي أراه أن التحصيل هو الجمع والاستخراج والأخذ, وكما قلنا فإن هذا يكون في الدنيا , فما هو هذا الحدث الذي يكون في الدنيا؟ إنه بداهة ساعة الموت , عندما تأتي الملائكة لتأخذ وتستخرج ما في الصدور وهو نفس الإنسان. أما على قولهم بأن هذا يكون في الآخرة فلا مناسبة فيه ولا تخريج منطقي لزعمهم! إذ فالله تعالى ينبه الإنسان إلى ما يراه من هلاك أخيه الإنسان ومن موته أمامه وكيف أنه سيكون ويصير إلى ما صار إليه , فنفسه ستؤخذ وتجمع وهو سيصير إلى التراب ويبعثر , ثم يعرف الله تعالى الإنسان بإحاطته به في جميع أحواله وخاصة في هذا اليوم العسير فيقول " إن ربهم بهم يومئذ لخبير " ونجد أن عود الضمير هنا إلى الجمع! مع أنه كان من المفترض أن يقال – كما يظن بعض الحمقى – " إن ربه به يومئذ لخبير " بل ومن الأولى أيضا ألا يكون هناك " يومئذ " لأن الله عالم بالناس وخبير بهم في كل وقت وحين؟

إن الله تعالى يعرض للإنسان صورة من يموت ويصير إلى التراب وكما وضحنا فإن هذا العرض لشيء يكون في الدنيا يراه الإنسان على غيره , وهذا الغير بداهة و كما جاء في الآيات جمع وغائب فالناس كثيرة في القبور وهم الذين يموتون ويراهم الإنسان حين ذلك أما عند الموت فلا يرى الإنسان نفسه وإنما يراه غيره! لذلك يقول الله تعالى للإنسان:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير