و هنا (آتى المال على حبه) أي يحب المال حب عظيم و على ذلك يعطيه ذوي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و السائلين و في الرقاب ثم أقام الصلاة و آتا الزكاة، فقد يقول قائل هل تسقط الزكاة نقول: لا ... الزكاة هي الحد الأدنى المفروض عليك في الحالات. و إعطاء المساكين و ابن السبيل و اليتامى و ذو القربى هذه فرض كفاية أما إيتاء الزكاة فهي فرض عين، فهي فرض كفاية على كل من يجد قريب فقير أو مسكين أو يجد منقطع أو ابن سبيل و هو في حاجة ماسة و في غير أيام الزكاة فعليك أن تعطيه من حر مالك و هذا فرض كفاية إذا كان أبناء المجتمع لم يقوموا به فالكل آثم و لو قام به بعضهم سقط عن الباقين.
و قال تعالى: (و الموفون بعهدهم إذا عاهدوا)
العهود: هي كل علاقة بين اثنين طالب و أستاذ , جندي ضابط، بائع و مشتري.
قال تعالى: (الصابرين في البأساء و الضراء و حين البأس ..
و هذه كلها تصب في هذه الخانة و قلنا أن البر هو الأعمال الشاقة فأنت أصبت بأمراض جسدية لها ألم هائل فقلت الحمد لله أو أصبت بخسائر اقتصادية كبيرة أو فقر أو جوع و قال الحمد لله حين البأس في الحرب و هو صابر قال تعالى: (أولئك الذين صدقوا).
ولو قرأنا تاريخ السير النبوية و تاريخ الأجيال الأولى المباركة، لا تراهم انشغلوا بما انشغلت به الآن، الناس في العالم الإسلامي منذ 15 سنة مشتغلون بما هو قاسم لها كيف يكون حجم اللحية كيف تسفط اللحية، ما سمعنا أن اثنين من الصحابة قالوا هذا. كم طول الثوب؟ ...... ناس تجعله فوق الكعب شبراً و ناس شبرين و ناس إصبعين .... و لقد أنشغل الناس بهذه الأمور التي هي أقل من تحويل القبلة و قال تعالى: (ليس البر أنو تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب .... )
قال صلى الله عليه و سلم: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة و ما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً و إياكم و الكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار و ما يزال العبد يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذباً) [سنن الترمذي:2038و قال حديث حسن صحيح].
و لقد أنشغل الصحابة بالأمور العظام قال تعالى: (و الذين تبوؤوا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم و كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) [سورة الحشر: 9].
الإحسان: هو السلوك الاجتماعي المندوب الشاق الذي يكون غير ملزم إنما مندوب.
قال تعالى: (و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه وأعد لهم جناة تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) [سورة التوبة: 100]. فالمندب أفضل من الفرض من حيث الأجر فالذي يرفع الدرجات هو المندوب و ليس الفرض و الفرض ينقذك من النار فالصوم في رمضان ينقذك من النار أما أن تحسن الصوم فهذا يرفع الدرجات و الصلاة هكذا فالركوع و قراءة الفاتحة و السجود تنقذك من النار لكن خشوعها و اطمئنانها ترفع درجاتك فالنوافل إذاً أرجى من الفروض و لذلك قال الله تعالى (إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون.) [سورة النحل: 90].
والإحسان هو أفضل من العدل مع أن العدل واجب، فالإحسان هو زيادة على العدل، فأنت تعفوا عمن ظلمك هذا ليس عدلاً بل هو إحسان فالعدل أن آخذ حقي منه لكن الأجر و رفع الدرجات بالعفو عنه، لذلك الله سبحانه قال (و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين) [سورة العنكبوت: 69].
فمثلاً أنت شيخ أو أمير ثم يعتدي عليك أحد بكلام أو سفاهة أو ما شاكله ذلك من مآمرة أو تخريب، ثم تعفوا و أنت قادر على أخذ حقك أن لا يمكن أن تفعل ذلك إلا لله فالإحسان أن تعفوا عمن ظلمك و أن تعفوا و أن تعطي من حرمك و أن تصل من قطعك. الناس تأبى هذا و هي مجبولة على الانتقام و حب التعالي، أن تتواضع و تعفوا لله تعالى فالله معك: قال تعالى (من كظم غيظاً و هو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا و إيماناً) [كنز العمال: 5822] فالإحسان يقابل البر في السلوك و لكنه مندوب وليس فرضاً.لذلك قال تعالى) لن تنالوا البر حتى
¥